بقلم عبد الحي
الرايس
حَرَكِيَّةٌ مِهْنية،
وفكريَّة علمية، وفنية إبداعية، وما إلى ذلك من طاقاتٍ إنسانية تُفْرِزُ العديدَ من
الفوارق الفردية
والمجتمعُ ينهضُ
باكتشاف القابليات، وتَعَهُّدِ الكفاءات، واستثمارِها فيمَا يُحقِّقُ الازدهار، ويُسَرِّعُ
وتيرة النماء.
ومن ثمَّ فلا مجالَ
لِقَصْر الاهتمام على فئةٍ دون أخرى، ولا اختصاصٍ دون آخر.
ومن هنا كان التعليمُ
مدعُوّاً إلى إكساب الجميع آلياتِ التعلُّم ووسائلَ مُواصلةِ اكتساب المعرفة وتوظيفِها
كلٌّ في مجال اهتمامه وتفرُّدِه.
ثم تتشعبُ السُّبُلُ
بالأفراد، انطلاقاً من المواهب والقابليات
ويَصِيرُ من اللازم
تنويعُ الاختصاصات، وتوفيرُ المتطلبات من تجهيزٍ وتأطير، حتى يتسنى لكلٍّ أن يَجِدَ
نفسَه فيما يُناسبُه، ويُحقق ذاتَهُ فيما يُلائمُه.
وذاك هو السبيلُ
الأمْثلُ ليضْمنَ البلدُ ازدهارَه، ويَصْنعَ الفردُ مصيرَه
فالبلدُ بحاجةٍ
إلى مِهْنيين يُديرون عجلة الحياة، وتقنيين يَنْشطون في الابتكار، ومُربِّين يُنَشِّئون
الأجيال، وفنانين يسْتلهمون الخيال ويجُودون بالإبداع، وفلاسفةٍ يَستكنهون أسرار الوجود
ويُسائلون الأحداث، ومُتصوِّفةٍ يُذْكُون القيم ويَسْمون بالأرواح، ومُثقفين يُشغِّلون
البَوْصلة ويُصحِّحون الاتجاه، وسياسيين يُدبِّرون المجال ويَصْنعون النماء.
ولا يقوم مجتمع
باستحضار هذا وتغييب ذاك، ولا تتحقق نهضة باعتماد أولئك واستثناء هؤلاء
فالمجتمعُ فسيْفسائية
رائعة، وتركيبة متكاملة، كلٌّ فيها مُسَخَّرٌ لمشيئته وقَدَرِه، لا غنى لأحدٍ عن غيره،
وخيْرُ المجتمعات
الذي يُعطي لكل ذي حق حقه، ويحترم في كل رسالتَهُ ودَوْرَه.
بالإنصاف والعدل
تستقيم الحياة، وبالتكافل والتكافؤ تتحقق المساواة، وبالتصافي والتسامح يسود الإخاء.
ومُجتمعٌ يَعْتَدُّ
بخصوصياته، يَرْعَى كفاءاتِه، ويضعُ كُلاًّ في مكانه، هو مُجتمعٌ عَرَفَ طريقه، وصار
بمقدوره أن يُحقق ازدهاره، ويَسْتديمَ نماءَه.