adsense

/www.alqalamlhor.com

2020/07/29 - 2:40 م

بقلم عبد الحي الرايس

يُوهِمُ بالصواب، ويُغْري بتعجيل القرار، ثم تتبدَّى التبِعَات، وتتلاحقُ الآفات، مُخلِّفةً أسوأ النتائج والخيْبات.
ورحم الله السلفَ الصالح حين كان يَحُثُّ على إدارةِ اللسان سَبْعَ مَرَّاتٍ قبل التلفظِ بالكلام، وحين كان يُوصِي بمائة تخمينةٍ وتخمينة، قبل تمرير المقص، وتفصيل الثياب.
ينطبق هذا على الآباء في تربية الناشئين، وعلى المربين عموماً في تكوين المتعلمين، وعلى أصحاب المشاريع في التعامل مع المأجورين.
وينطبقُ أكثرَ ما ينطبق على الحاكمين في التواصل مع المحكومين.
فحُسْنُ التدبير يسْتدعي التبصُّرَ بالتداعيات، والتحسبَ للانعكاسات، مما يبعثُ على استعراض السيناريوهات، وتَعْدادِ الجلسات قبل الْبَتِّ في التوجُّهات، وكذا الاستعانة بمكاتب الدراسات عند إعداد التصاميم والمخططات.
وكان اللهُ في عون أصحاب القرار حين يصيرُ عليهم تدبيرُ الأزمات، ومواجهةُ الطوارئ والمفاجآت.
وما حدث ذاتَ ليلةٍ قبل أيامٍ من العيد يستدعي وٍقْفةَ تأملٍ ومراجعة وتمحيص:
في سياق وبَاءٍ مُتفشٍّ منذ شهور، وتتبُّعٍ لحظيٍّ له منذ أن بدأ بالظهور، لاحتْ بوادرُ مزيدٍ من الانتشار، وتفاقمِ انتقال العدوى بين الديار، فكان التعجيلُ باتخاذ قرار للتوِّ واللحظة يقضي بمنع التنقل من وإلى مُدُنٍ بعينها بعد بضع ساعات.
قرارٌ برَّرهُ مُوقِّعوه بالحرص على تطويق الوباء، والحيلولةِ دون مزيدٍ من التفشي والانتشار.
والحالُ أنه مَسْبُوقٌ بتشجيع المواطنين على التنقل بين المدن إنعاشاً للسياحة الداخلية، وفتحِ أسواقٍ لعرض الأضاحي إنعاشاً للاقتصاد، وإحياءً للسُّنة.
وفجأةً ينزل القرارُ بتعطيل الأسفار، فيحمل الجميعَ في الوقت والحين على التحرك للعودة إلى الديار.
وفي لحظةٍ غصَّتِ الطرقات بجحافل المركبات في سباقٍ محمومٍ التماساً للوصول قبل فواتِ الأوان.
وتعالَ فانظر ما يُسْفِرُ عنه التدافعُ على الطرقات، وما يُخلِّفُه من حوادثَ ووفيات، وعند توقُّفِ السير ما تعانيه الحواملُ والمُرضعات، والمرضى والمريضات، والمُسنون والمسنات، والأسرُ في التتبع والانتظار، من قلق وتوترات.
حوادثُ هنا وهناك، مآسٍ ومفاجآت، إحباطاتٌ وخيبات.
وكل ذلك كان بالإمكان اتقاؤه وتفاديه لو تمَّ إعمالُ العقل، وإحلالُ الذات محل الآخر، والتحسُّبُ لمتطلبات الأوبة، ومنح فسحةٍ معقولةٍ للحاق، وشيئاً من التروي قبل اتخاذ القرار.