بقلم عبد الحي
الرايس
أثرياء في بعض
البلاد يُطالبون باستخلاص الضرائب عن ثروتهم، بل ويَدْعُون إلى رفع نسبة الاقتطاع تضامناً
مع الإنسانية في ما حلِّ بها من وباء
ومُوسِرُون في
بلدٍ آخر يُبادرون مع حلول الوباء إلى الإعلان عن إسْهام بمبالغَ تُثيرُ الإعجاب، ثم
لا يلبثون أن يسْتصدروا قانوناً ياذن بالإعفاء من الضرائب، تمهيداً للاسترجاع.
وإذا كان الإعلان
عن المبادرة عنواناً على التكافل والتضامن، ونموذجاً يَحُثُّ مَحْدُودي الدخل على المحاكاةِ
والاقتداء، فأيُّ نعتٍ يُوصَفُ به الإقدامُ على التراجُع والاسْترجاع؟ !
يبدو أن من اعتاد
البذلَ صُدُوراً عن تواجُدٍ واقتناع يَمْضي في طريقه غيرَ مُبَالٍ بتضاؤل الأرصدة وترَاجُع
رقم المعاملات، بيد أن من ألِفَ تَعْدادَ الموارد، والتهافتَ على مُراكمة الأرباح،
قد يَجُودُ مُسايَرةً، ثم لا يلبث أن يندمَ على ما قاده إليه التباهي والاندفاع.
ومِن عَجَبٍ أن
الفئة الأولى تميَّزتْ بتلقائيةِ المبادرة، وهي تمضي فيها مُصمِّمَةً عازمة، بَيْد
أن الثانيةَ يطغى عليها الاستهْواءُ والانسياق، ويحلُو لها أن يُشِيدَ بذكرها التواصلُ
والإعلام، ثم لا تلبثُ أن تتراجع ندمانة آسفة.
وبين الفئتيْن
بَوْنٌ شاسعٌ وهُوة كبيرة فالمطالِبُون باستخلاص الضرائب عن الثروة يُعايِشُون مُجتمعاً
تَواضَعَ على ضمان الحقوق، وتوفير أجْر أدنى للعاطل والمُحتاج.
أما الساعون إلى
الاسترجاع، فخريطةُ الفقر في محيطهم شاسعة، والعديدون لم يشملهم إحصاءٌ ولم يتوفر لهم
قوتٌ ولا مأوى.
والحال أنهم هم
يَدِينون بعقيدة تُخْرِجُهم من الجماعة إذا بات فيهم على الطوى جائعٌ بدون مأوى.