بقلم الأستاذ حميد
طولست
المقارنة وسيلة
للبحث في أوجه الشبه والاختلاف أو الفَرْق و التباين بين الأشياء أو الأشخاص ، تستعمل للتوصُّل إلى إجلاء
الصورة الحقيقية لأحد المقارنين تطبيقا كما ورد في مشهور الكلام أنه " بضدها تتبين
الأشياء ، والضد يظهر حسنه الضد " كما في قول المتنبي:
من يظلم القرناء
في تكليفهم... أن يصبحوا وهم له أكفاء
ويذمهم وبهم عرفنا
فضلـــــــــــــــه ... وبضدها تتميز الأشيــــــــــــــاء
وبخلاف المقولة
الشهيرة " لا تقارن السيف بالعصا " والتي حُفّظنا أياها في المدارس الاعدادية
على أنها من المسلمات ، والتي تفندها الحكمة السابقة ، فأني أرى أن كل شيء في هذا الكون
، مهما صغُر أو كَبُر ، إلا ويمكن مقارنته بما يقابله من سائر الأشياء أو الأشخاص ،
لأنه مهما اختلف الشيء عن غيره في خواص وسمات بعينها ، إلا واشترك معه في خواصٍ وسماتٍ
غيرها ، و أنه لابد لكل شيء مهما شابه أو ماثَل غيره ، من أن يختلف معه في جوانب ونواحٍ
أخرى.
موجب هذ الكلام
هو لجوء البعض مؤخرا إلى مقارنة غريبة لإثبات مواطن تلاقي الصفات وتماثلها بين مثالين
لا يملكان نفس الملامح والأدوات والإمكانات والظروف ، وهم لا يدرون أن مقارنتهم تلك
مسيئة للقيمة الاعتبارية لمقارَنِهم ، وتنتقص من قيمة منجزاته وتبخسها.
مقارنة مثيرة إن
دلت على شيء ، فإنما تدل دلالة قاطعة على مقدار عدم ثقة المقارِنِين في ما أحاطوا به
المقَارَن من صفات القيادة والزعامة الخارقة ، وشعورهم الداخلي بمحدودية مواهبه وقلة
رصيده التاريخي أمام المقارَن به ، لأن التميز في الصفاة المخلدة لاسماء العظماء ،
لا تستنسخ بمقارنة غبية ، وإنما بالعطاء والتضحية
والنضال الوطني المنتج للحظة الإبداعية والفنية التطوعية الخادمة للناس ، والمنمية
للوطن بكل صدق واستقامة ونزاهة وعفة وعزة نفس وكرامة..