الكاتب الصحفي
عيسى فراق/ الجزائر
حقيقة أن الأحداث
التي تدور في العالم العربي. فضلا عما يوحي به الاسم (الربيع العربي) من نعومة وبهجة
لا تصف الفخ الذي وقعت فيه الشعوب العربية. وعودة الثورات و ما يجري من أحداث ينطبق
عليه اسم اللهيب العربي. فربما ظن السياسي أن السير في مرحلة ما بعد الربيع العربي
كالسير في حديقة عامة لها سماء منخفضة من الغيوم البيضاء المتقطعة. لكن ما أثبتته التجربة
إن الفكر السياسي عند هؤلاء متخشب، فلم يمهله اللهيب حتى اشتعل فيه مجددا. يبدو أن
هذا اللهيب لا و لن يقبل بالبعض ولا بالكل، سواء كان من السلطة أو المعارضة، سيُقضى
عليها لأنها لا تقدم حلولا للمشكلات. بل إن النظام الجديد/القديم الذي جاءت به الثورات
خلق مشكلات جديدة على مستوى الممارسة الديمقراطية. واتضح- على الأقل-أن الرأي العام
شُحن بفكرة الديمقراطية مختزلة في التداول على كرسي السلطة. أما ما يلي ذلك من مبادئ
كالمشاركة السياسية وحقوق حزب الأقلية وعمليات صنع القرار بين سلطات الدولة الكبرى
الرئاسة والبرلمان والقضاء، تعيش في غيبوبة كبرى. كيف للديمقراطية، التي اختلفنا حول
كتابة اسمها أكثر من مرة، أن تولد من رحم الديكتاتورية؟هكذا يبدو أن الديمقراطية كانت
في ذهن الكثير، ككرة في منتصف الملعب، ما أن تنطلق الصفارة تبدأ الكرة بالحركة. لكن
الأمر ليس كذلك، فالديمقراطية ليست كما يتصورها الكل ،بل كما يتصورها البعض.......
!
إن الثورات الشعبية
التي تأتي عادة كردة فعل لحدث ما، كما حدث في تلك الدولة العربية وغيرها ما هو إلا
نوع من العنف والتمرد الاجتماعي يسوسه أفراد ليس لديهم رؤية إلا القفز على السلطة والتغني
بالديمقراطية، وغياب الرؤية لدى هؤلاء الساسة الجدد ما هو إلا تكرار لماضينا السياسي
،الاجتماعي والاقتصادي المتعثر. هذه هي حقيقة تاريخ الأمة، وماذا بعد هذا التاريخ الطويل
والمليء بالمعاناة القاسية التي عاشتها الأمة بأجيالها المتلاحقة؟ ولذلك نجد أجيالا
بعد أجيال تتساءل متى يتغير الحال؟ إن الثورات العالمية التي سالت فيها دماء كثيرة
قامت وفق رؤية وفلسفة وفكر، استطاع من خلالها ساسة هذه الثورة خلق ثقافة جديدة للأمم
التي تتبوأ حالياً مقاعد الكبار في العالم. أين نحن العرب من ثقافة الثورات التي يكون
لها تأطير فلسفي يحمل فكرا مترامي الأطراف يعنى بالسياسة والاقتصاد والتعليم والعدالة
الاجتماعية... ؟. ولذلك علينا أن نتذكر أن حقيقة الربيع العربي في مضمونه العفوي والصادق
قد تمزق أو تبدد وأصبح لهيب يشتعل في بلدان الربيع العربي، فهناك لهيب الثورة التونسية،
والمصرية، والليبية، واليمنية، والسورية، بل سيكون في البلد الواحد أكثر من لهيب
…….وهكذا، فعلى إسرائيل أن لا تخاف ولا تجزع من اللهيب العربي ، هذه هي بالفعل حقيقة
الربيع العربي الذي يعتبر بدعة جديدة كتب سناريوهاتها قوى الاستعمار الدولية والمؤسسات
الدولية المهيمنة عليها، ونفذتها حفنة من قوى الشر العربية المحسوبة على قوى الاستعمار
مقابل السلطة أو المال وذلك لإدخال شعوب هذه الأمة مرة أخرى في سراب جديد، بل في سراديب
وأنفاق مظلمة، سيكون في نهاية هذه الأنفاق ضوء مظلم وغير مشرق، وإذا عبروها سيجدون
عشب الربيع العربي المر بأصنافه وألوانه المتنوعة والذي سيُعصر ويسقى لشعوب هذه الأمة
عبر كؤوس الديمقراطية الزائفة والعدالة الاجتماعية الكاذبة والظالمة.