adsense

/www.alqalamlhor.com

2020/02/24 - 6:55 م


بقلم الأستاذ حميد طولست
ليس استغلال الدين عادة بشرية حديثة العهد ،  كما أنها ليست حصرا على الأفرادا ، بل هي عادة منتشرة مند القدم بين الجماعات والمؤسسات والحكومات ، بأهداف متباينة ، تختلف بين الإقتصادي أو الإجتماعي أو السياسي ، أو هي مجتمعة ، كوسيلة فعالة لاستغلال الشعوب والسيطرة على مقدراتها ، يساعدهم في ذلك ، ما تعيشه تلك الشعوب من ضعف معرفي وقلة الثقافة ، وتغليب معظم بسطائها للعاطفة الدينية التي لا يفهمونها إلا بشكل متخلف ، ولا يطبقونها إلا بعشوائية جاهلية ، تجعل من الدين أخطر مخدر لغسل الأدمغة ، ببركام الأحكام والأفكار والمعتقدات الخاطئة والمحرفة ، التي يوطفها مستغلو الدين لإغراق المجتمعات المتدينة في مستنقعات تلفيقات أحكام ومبادئ وأفكار أحزابهم ومذاهبهم الشيطانية الباهتة المترهلة، المعززة بالأحاديث السقيمة المشبوهة والمدسوسة ، بكل ما تحمله من تخلف وابتذال في شكلها ومضمونها المعارضة للعديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة ، يساعدهم في ذلك ، التقاليد الأبوية ، وفشل التربية والتعليم الديني المبني على التحفيظ والتلقين ، من دون تفسير ،  إلى جانب تسييس الدين، وتحزيب المساجد ،وتديين الإعلام المرئي والمسموع ، وتوظيفها جميعها لشحن أدمغة الناس منذ نعومة أظافرهم ، بشكل منظم ، وبأساليب إبليسية ، تؤثر على كل تفاصيل حياتهم ، بدأ من صوغ الفكر والايمان وصولا الى التصورات والانفعالات العاطفية ، التي تنزع بهم إلى الشعور بانجذابات وجدانية منفلتة ، ترغمهم على الرضوخ لأشياء ، أو أشخاص، أو جماعات، أو أفكار معينة،  ، بكل قناعة وبحجة "أن الدين يأمرهم بالطاعة والإنصياع والإمثتال لواقعها المفروض "  كمسلمة -لا يمكن نقضها - تدفع بهم إلى الانكفاء عن الجاد والأساسي من أمورهم الحياتية ، ما يؤدي إلى تثبيط الإبداع عندهم ، واضعاف ومواهب الابتكار لديهم ، وقتل المحفز على البحث عن المعرفة  - الذي يعد التعليم ركيزته أساسية- بينهم، والذي لا يُحصد من إضعافه غير الجهل والتزمت والتخلف ، الذي يُمتع المؤسسات الدينية و شيوخها وفقهاءها، بالنفوذ والشأو الكبيرين ، اللذان يحوّلانهم إلى أداة فعّالة في انتزاع البشر ذواتهم وتثبت أرواحهم في أكثر الزوايا انحصارا بين حالات فوضى المنقول الشفويّ والكتابيّ للموروث السلفي ، المخالف لسماحة الإسلام وإعتداليتة ووسطيتة ..
ما يدفع للأعتقاد أنه حان وقت محاسبة ، المؤسسات الدينية الراديكالية ، ورجال الدين وشيوخه وفقهائه المتزمتين ، الذين يستخدمون المسجد لقولبة عقول بسطاء الناس ، وشبابهم على وجه الخصوص لــ "انتحاريين"، بما يشحنون به أدمغتهم ، من فكر ديني متزمت ، وضعه شيوخه الفتوى مند قرون لنشر خرافات وأكاذيب الدين التي تزرع التطرف والعـنف ، بدعوى الدفاع عن الإسلام ، وحمايته من المتربصين به..
ربما يقول قائل أنه من الجور إنساب الإرهاب والتطرف لرجال الدين وشيوخه وفقهاءه ، لانتساب إرهابيين للمؤسسات الدينية، كلام منطقى بدليل قوله سبحانه وتعالى: "لا تزر وازرة وزر أخرى" فاطر، إذ لا يجب أن نحاسب جهة أو مؤسسة ما على سلوك المنتسبين إليها ما دام نهجها سليما لا يدعوا للتطرف والإرهاب ، أما إذا كان فكر المؤسسة الدينية ومنهجها محرضا على التطرف والإرهاب ،فإنها تصبح شريكة في ذلك التطرف والارهاب ،وتغدو محاسبتها وعقابها ضروريان لأن القانون يجعل المحرّض على القتل شريكا للقاتل في جريمة القتل..
إذا كان الجميع مع تفعيل القانون، وتعزيز آليات المحاسبة، في إطار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في كل مجالات تصحيح الإختلالات المجتمعية ، فإن ما يثير التساؤلات هو لماذا يتلكأ المسؤولون في محاسبة المؤسسات الدينية وشيوخها على العديد من الأخطاء التاريخية التي دمرت شعوبا وخرّبت أوطانا ، وجرفت ببعها إلى مهاو الظلمات التي لا تقاس أعماقها السحيقة ، دون تقديم الحلول والبدائل ، بدعوى حماية الإسلام ..