بقلم عبد الحي الرايس
تحذيرٌ تناقلتْهُ
الأجيال مُنبِّهةً إلى أن النهرَ مهْما قلَّتْ به المياه، أو تلاحقتْ عليه سنواتُ الجفاف،
فلا مندوحة له يوماً عن التدفق بالسيْل العاتي يذهب بكل ما يلقاهُ في طريقه، فالنهرُ
لا يملكُ تغييراً لمجراه.
وما أَمَرَّ أن ترى
فِتْيةً في مَيْعة الصبا وعُنفوان الشباب يُداعبون الكُرة، وآخرين يعْتلُون سطحَ مقهى
للفرجة والمتابعة يطغى عليهم السيلُ فيجرفهم في لحظة، ولا يُبْقي لهم على أثر.
حدثٌ كهذا لا يُعقل
أن تطويه لحظةُ أسَى، ومراسِمُ مأتم، وهو لا يخص تارودانت وحدها، فقبلها أوريكا ومدنٌ
وقرى تعبُرها الأنهار، ويتطاول عليها الإنسان، فيُقيمُ عليها الملاعب والمقاهي والمنشآت،
بترخيص أو بغيره، فتنعمُ فترةً بالأمان، ثم يأتي عليها الطوفان، فيدُكُّ البُنيان،
ويُغرقُ الإنسان.
وكالمعتاد ستُفتح
المحاضر، لتحديد الخسائر، وتقصِّي المسؤولين عن المخاطر.
ولكنَّ ضميرَ الأمة
يقضي بالتصدي لظاهرة التجاوزات التي تستبيحُ مجاريَ الأنهار وضفافَها، وتُقيم عليها
أنشطةً عابرة، أو منشآتٍ دائمة لتجتثها من جذورها، فلا شيء من هذا يُقبل، وما هو موجودٌ
ينبغي أن يُزال ويُمْحَق، وإلا فسنكون كمن يحيا بلا ذاكرة، لا نستفيد درساً، ولا نستخلص
عبرة.
رحم الله فِتيةً
أضاعهم الإهمال، وجرفهم الطوفان، ولتنطلق مبادراتُ تحرير الملك العام، وإخلاء مجاري
وضفاف الأنهار، حداً للخسائر، وإنقاذاً للأرواح.
ولْتحُلَّ اليقظةُ
الواقية، والتدابيرُ الحازمة، والخُضرةُ الزاهية، على ضفاف الأنهار، محلَّ الترخيص
أو التغاضي عن كل ما يجعلُ البُنيانَ والإنسان في مَهَبِّ الأخطار.