بقلم الأستاذ عبد
الحي الرايس
تم تمريرُ القانون
الإطار 51.17 لإصلاح التعليم بالقلةِ العدديَّة لمن حضَرَ وصَوَّت، أو تواطأ فامْتنع،
وأقلِّ القليل لمن اعْترضَ فرفض.
واعْتُبِرَ ذلك
نصراً وفتحاً جديداً بعد طول تجاذُبٍ وانتظار ولنا أن نقول: الأيامُ
بيننا، والمستقبلُ كشَّاف، وإن غداً لناظره قريب.
سَيُسْنَدُ تدريسُ
العلوم بالفرنسية لمُدرِّسين لا يُتقنونها، ولن يُحَصِّلَ المتعلمون علماً ولا فرنسية،
ليس لأن مُدرسيهم نِتاجُ مرحلةِ تعريبٍ حُمِّلتِ المسؤولية، ولكن لأنَّ تكوينَهم عرف
قطيعةً بين تعريبٍ في الثانوي، وفرْنسةٍ في العالي، فلا هُم أجادوا العربية، ولاهُم
أتقنوا الفرنسية.
وسينعكسُ ذلك على
مستقبل الأجيال وتقدم البلاد، فترتيبُها على سُلَّم التنمية، سيظل العُمْدةَ والمرجعية، وستكون العودة من جديد
ـ طال الزمان كما حدث في الفلبين، أم قَصُرَ كما حصل في ماليزيا ـ لطرح السؤال، وتلمُّسِ
السبيل لإصلاح التعليم، وتسريعِ مُسلسل التنمية.
ولو كنا في عزلةٍ
عن العالم لأمكن الإمعانُ في التيه والتجريب، تلمساً للاهتداء.
ولكن التجارب الإنسانية
في العديد من الدول التي عرفتْ طريقها، فنهضت من كبوتها، وصنعتْ مصيرها، تؤكدُ أنْ
لا عِزَّة لقوم بغير لغتهم الوطنية المعيارية أوَّلاً، بها يتعلمون ويتواصلون، وبها
ياخذون أولياتِ العلم وأصولَ المعرفة، ولغةٍ عالمية سائدة بها ينفتحون، ويُحققون مُواكبةَ
العلم، ومُستجداتِ التقنية.
وحتى تلكم التي
ضَلَّتْ طريقَها، وسُلِبَتْ منها إرادتُها، لم تلبثْ أن انتفضتْ، وتحرَّرَتْ من تبعيتها
واستلابها، فتداركتْ أمْرَها، وقَوَّتْ عزمها، واتخذتْ قرارها، فحالفها الحظ، واستردَّتْ
هُويتها واعتبارَها، وأثبتتْ على سُلَّم التنمية طفْرتَها.
التاريخُ لا يَرْحم،
ومستقبلُ البلاد، ومصيرُ الأجيال لا يقوم على تعليمات، ولا على مصالحَ وتبعيات، إنما
العمدة فيه تبصُّرٌ وحكمة، واستخلاصُ الْعِبَرِ من الكبوات والعثرات، واستلهامٌ لأقْوَم
التجارب، وأنجحِ الإستراتيجيات.