بقلم الأستاذ حميد
طولست
ما كادت غرفة الجنايات
المكلفة بقضايا مكافحة الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، تنطق قبل أيام بالحكم
في قضية "شمهروش " حتى عمت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشات كبيرة وجدالات
أكبر، حول عقوبة الإعدام التي صدرت في حق ثلاثة من بين على متهمي جريمة قتل السائحتين
الاسكندنافيتين ، والذي إنبرى بعض رواد "الفيس " وبعض الجمعيات الحقوقية
لمعارضتها ، على أساس أنها عقوبة غير مجدية وغير إنسانية ، والتي دعت لجنة القانون الدولي إلى الحدّ تدريجياً من
عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام ووضع معايير دقيقة لتطبيقها ألى غاية الوصول
بها للإلغاء التام والنهائي ، الأمر الذي سار عليه المغرب ولم يحد عنه ، إلا عندما تعلق الأمر بأمنه واستقراره
على مختلف مستوياته ، والذي لا يبقى مع المساس بهما أي مكان لحقوق الإنسان ، ما جعل
عقوبة الإعدام تبقى -رغم ما تثيره من جدل واسع على الصعيد العالمي- سارية ومطبقة ومشرعنة
في أكثر من نصف بلدان العالم ، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والصين ، كلما
هُدد أمن واستمرار وجود تلك البلدان ، كما تؤكد ذلك المقولة الشهيرة :"عندما يتعلق
الأمر بالأمن القومي فلا يحدثني أحد عن حقزق الإنسان" المنسوبة لرئيس وزراء بريطانيا
ديفيد كاميرون ، التي قيل أنه قالها خلال أحداث لندن فى 2011 ، والتي تعد دليلا قاطعا
على ضرورة تطبيقها وشرعنتها كلما تهددت الأخطار مُختلف مناحي الحياة في دّاخل والخارج
، كما هو حال وواقع بلادنا التي تهددها الظاهرة الإسلاموية المتشبعة بأفكار الجماعات
الإرهابية، التي تفرعنت مع صعود الحركات والأحزاب الإسلامية إلى واجهة المشهد السياسي
، في مرحلة ما بعد الربيع العربي ، لتبقى عقوبة
الإعدام هي الرادع الوحيد والفعال لتجنيب البلاد الانهيار الشامل ، الذي يريده لها
الذين فقدوا البصر والبصيرة ، وتخلوا عن كل وازع اجتماعي و ديني و أخلاقي و سلوكي ،
واستباحوا من أجل ذلك ، شرف المواطنين المسالمين
وامتهنوا سمعتهم وكرامتهم وحميميتهم واغتصبوا سلامتهم الجسدية وحياتهم ، باسم الله
ونصرة دينه..
وأمام ما أصبحنا
فيه من خوف وهلع على أرواحنا وممتلكاتنا ، أهمس في آذان الذين يرون أنه حتى لو طُبِّقَت
عقوبة الإعدام ، فلن يتغير الوضع ويستمر تزايد الجرائم المرتكبة، ما لم تتغير نفسية
المجرم ، وأسألهم : بالله عليهم ماذا يتوجب علينا فعله لمواجهة صدمات أحداث العنف الوحشي
وقساوة القلوب الطافحة بالحقد والكراهية ، قبل أن تتحقق نتائج ما يطالبون به من تحليل
للأسباب والظروف الاجتماعية والنفسية والتربوية المساهمة في نشوء التمرد العاصف لهذه
العَيِّنَات غير السوية من البشر التي ملأت علينا كل فضاءات الحياة ، وهل تريدون منا
أن نكتفي بالافتتان بالقتلة وتمجيد سوء فعالهم من منطلق أن الإعدام إجراء قضائي لا
إنساني ، و نحن نعلم أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ،بدلي قوله سبحانه وتعالى
:"ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" الحياة التي يجسدها القاضي السيد
"نور الدين فايز"، رئيس غرفة الجنايات باستئنافية الجديدة ، الذي خلق الرعب
في صفوف مجرمي مدينة الجديدة، الذين أصبح الكثير منهم يتراجع عن إرتكاب أي جريمة بمجرد
تذكرهم "اللحية" اللقب الذي يطلق على القاضي ، نظرا للحيته الكثيفة ، أو
"أبو الإعدام" لقب تحطيمه الرقم القياسي في أحكام الإعدام ، وهم يرددون:"أخويا
عفا الله ماقاد على ندوز عند اللحية" العبارة الأكثر تداولا بين مجرمي الجديدة
..
لا تم الف لا ،
لن نصمت ، ولن نتهرب من المسؤولية ، وسنطالب بصون وحماية المواطن المسالم من سوء فعال
أعداء الوطن والدين ، الذين يستهدفون المس الخطير بأمن البلاد والعباد بواسطة التخويف
والترهيب والعنف والاعتداء عمدا على حياة الأشخاص مع سبق الإصرار والترصد ، ولن نكتفي
بإعدام المجرمين المباشرين ، وسنلح على مساءلة كل من ساير أو ناصر نهج الإرهاب وجماعاته
وجمعياته ودعم شيوخ الفتنة ورؤوس الشر ، من قريب أو بعيد ، على العبث بعقول البسطاء
ليتحولوا إلى أدوات قتل فتاكة
لأنها في واقع
الأمر مسؤوليتنا للثأر لسائر لضحيا الإرهاب الابرياء ، التي لا مجال فيها للصمت أو
التهرب من المسؤولية.