adsense

/www.alqalamlhor.com

2019/06/10 - 12:42 ص


بقلم عبدالحي الرايس
أدركَ ذلك الأجداد، فعدَّدوا الواحات، وعمَّموا الغابات ، وألحقوا ببيوتهم العرصات، وأحاطوا مُدُنَهم بالجنان، وأحالوا دُورَهم إلى رياض.
وأصدقُ وأبلغُ ما قيل في هذا المجال توجيهُ الرسول الأكرم: " إذا قامتِ القيامة، وفي يدِ أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقومَ حتى يغرسها، فليغرسها"
وصار المثلُ يُضربُ بالحديقة العربية والأندلسية، وسطوحِ المدينة المغربية، فكان السبقُ إلى تحقيقِ المدينةِ الخضراء، وكان الاهتمامُ والوَلَعُ بالبحثِ والتصنيفِ  والتسمية، وابتكار وصفاتِ العلاج، وأساليبِ التلقيح والاستنبات، عنواناً على تعميقِ الدِّرايَة، وتطوير الصيانة، ونُشدانِ الاستدامة.
ثم خلف من بعدهم خَلْفٌ أهملوا الواحات، واجتثوا الغابات، وأحالُوا الداراتِ والعرصات إلى تجزئاتٍ وعمارات، وأحلُّوا في السطوح الهوائيات محلَّ الشُّجَيْرات، وعمَّرُوا بالزوائدِ الشرُفات.
وانْتزعَ المشعلَ آخرون، فأحاطوا المدنَ بأحزمةٍ خضراء، وجعلوا للشجرةِ حضوراً في حدائقَ ومُتنَزَّهات، تتخللُ المدنَ والأحياء، وتباروْا في تعميم الْجُدْرانِ والسطوحِ الخضراء، وإطلالةِ الأزهار من الشرفات، وقَنَّنُوا لذلك مُعَدَّلاً للمجالات الخضراء بالمدن، تنافسوا في رفعه  وتجاوزه، وصارتْ كل مدينة تحرصُ على منافسة غيرها وتَجاوُزِ ذاتها في توطين "حديقة نبات" فضاءً للبحث العلمي والاستقطاب السياحي والتنشئة على معرفة التنوع النباتي والولع باحترامه وتعميمه.
وأضافوا أن إنسانَ العصر يقضي أغْلبَ وقته في الفضاءات المغلقة، فحثوا على استحضار عيِّناتٍ من نباتاتٍ تتكفل بتنقية الهواء الداخلي قبل أن تكونَ مُجرَّدَ تأثيثٍ وتزيين.
وأمْعنُوا في التوعية والتحسيس، فنبهوا إلى أن الأجهزة الإلكترونية التي لم يَعُدْ يخلو منها مكان تُرْسلُ موجاتٍ مُغناطيسية تترتب عنها مخاطرُ صحية، لا يدرؤها ويَحُدُّ من تأثيرها غيرُ صَبَّاريات تحضرُ بالمكان فتمتصُّ الموجات، وتدفعُ الأدواء.
فهلاَّ كانتِ العودةُ إلى المأثور، واستلهام ما صار متعارفاً عليه في المعمور، فتعودَ للنبتة مكانتُها وأوْلويتُها في التخطيط والتعميم والاستحضار؟ !.
(تم تذكيري بخاطرة لها راهنيتها المتجددة، فآثرت إعادة نشرها وتعميمها أملاً في أن يكون لها رجع صدى في أوطاننا وديارنا)