adsense

/www.alqalamlhor.com

2019/05/23 - 11:56 م


بقلم الأستاذ حميد طولست

يتلقى الكثيرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي،  عشرات الصور لمشاهد الصلاة على قارعة الشوارع وملتقيات الطرق ، بعضها مفبرك وبعضها الآخر حقيقي ، والتي تبقى في مجملها صلاة مستحدثة "ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب" ولا يُبتغى بها مرضاة الله ، ويروج لها الذين يرغبون في نشر صورة مجتزأة وغير كاملة عن الإسلام والمسلمين، نعم الصلاة واجبة ومؤكدة ،  ومحمود وجميل أن يؤديها المسلم في وقتها ، والأجمل منه والذي يحمده لنفسه، ويحمده الناس له، ويجازيه ربه عليه يوم الحساب،أن يصليها في المكان المخصص لها ، وألا يعطل بها مصالح غيره بإقامتها في الشارع الذى هو ملكية عامة لكل المواطنين بما فيهم هو نفسه ، وإن فعل فلن تكون صلاته إلا ومزايدات هجينة على العبادات ورياء ونفاقا ودعاية كاذبة ، ولن تكون قطعا تلك الصلاة الراقية المتحضرة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتلزم المصلي باحترام الآخرين والاعتراف بحقوقهم ، الأمر الذي من أجله سن الله الصلاة وأجبها على المسلم ..
لكنه الخواء الفكري ، القنبلة الموقوتة التي تعيشها المجتمعات العربية والإسلامية ويلاتها في زماننا هذا ، حيث أن خلو العقل مما ينفع، وإمتلاءه بما لا يفيد من التأثيرات الخارجية السلبية ، والتأثر بأي فكر واه وأي مَنهج غير إيجابي، بِغض النَظر عن محتواه وَدرجة صحته وَموافقته للشريعةَ الإسلامية ، لهو الكارثة العظمى التي تحركها الأصابع الشيطانية الماهرة ، المقنعة بقناع الصلاح والتقوى والمبادئ الدينية والقيم الإنسانية، والتي تهيئة السبل وتمهيدها للوصول لغايتها الخاصة ، التي غالباً ما ستكون وخيمة العواقبها على الفرد والمجتمع ، اللذين لابد أن يستفيقا من غفلتهما - وربما من غبائهما- ويكفا عن الربط بين صلاة المصلين ، وصلاحهم وتقواهم ونزاهتهم ، حتى ولو صلوا في كل شوارع وطرقات الدنيا، لأن الشرط الأساس للصلاح والتقوى والنزاهة ، هو العمل الفعلي ذو المردودية الواقعية المباشرة على الناس ، و ليس العبادات-على صحتها- كيف ما كان شكلها، وإن بعض التطرف خارج حدود الشرك أخطر من الشرك، فرب مشرك مسالم، لا يشكل أي خطر بشركه على الناس ، ولا يستغل عقيدته، ولا يفرضها على غيره ، خير من مصل يستغل الصلاة في الشوارع لتشويه الإسلام والإساءة للمسلمين وغيرهم من الناس..
وما أظنها إلا حيلة قد أنكشف أمرها -كما الآلاف غيرها- ولم تعد تنطلي حتى على البسطاء من الناس، الذين لم تعد تهمّهم لا صلاة المصلين ولا ابتهالاتهم ولا أذكارهم ، بقدر ما أصبح يشغلهم معاشهم وحقوقهم المهضومة ، بعد أن تغير الوضع وتغيرت أدواته ومدخلاته ومخرجاته وقوانينه مع انتشار شبكات التواصل الإجتماعي التي كشفت المستور، ولم يعد يحتمل معها المزيد من الإستحمار..