adsense

/www.alqalamlhor.com

2019/01/20 - 8:00 م

بقلم الأستاذ حميد طولست
كم حاولت ألا أكتب عن قضية تخلي البرلمانية ماء العنين عن حجابها في باريس ، والتي أثارت لغظا وجدلا كبيرين ، جعلا المشهد السياسي المغربي فقيرا ومثيرا للشفقة ، ليس لأني لا أحب الخوض في سيرة الآخرين فقط ، و لا لأني أكره أن أكون كمن لا همّ لهم غير التّنقيب في حياة الناس والنّبش في خصوصياتهم الخاصّة ، والتّفتيش في عيوبهم، وتتبع عوراتهم ، وتضخيم نقائصهم ، ولكن لأن انتقاد الآخرين لأتفه الأسباب وأحقرها ، يؤثر سلبا على الروابط الإنسانية ويسير بها إلى المنعطفات المسدودة ، ولأنه لا خيار لنا إذا نحن أردنا لتلك العلاقات الإنسانية أن تستمر حية طيبة بين الناس ، إلا أن نسمو بأنفسنا فوق فضول التدخل فيما لا يخصنا –إذا كان فعلا لا يعنينا- ومع كل هذا وغيره كثير من الموانع كنت كلما قررت عدم الخوض في مثل هذه الأحداث ، إلا وجدتني منجرا للإنخراط فيها ، وبقوة ، ليس للوم وعتاب أصاحبها على تصرفتهم ، التي أعتبره حرية سخصية ، وتحررا من قبضة جهل الفقهاء ، وحق من حقوقهم التي ليس لأي كان أن يجادلهم فيها ، وإنما لإظهار حجم ما تتظمنه من نفاق اجتماعي وسياسي ، وما ينجم عنه من خيبات أخلاقية وفكرية وعقائدية فاضحة مفضوحة ، تزيد من حدة ما تعرفه البلاد من التشتيت الأخلاقي والخراب الفكري والدمار العلمي الذي يتفنن في اختلاقه ونشره عبدة السلطة المتخذين من الدين مطية لتحقيق مصالحهم الذاية ، ضدا في الأعراف والدين والإنسانية والبشرية ، وعلى حساب الأوضاع المجتمعية المزرية التي تدفع بكل ذي ضمير حي أن ينغمس في طرح التساؤلات حول الأوضاع الاجتماعية والإنسانية والدينية والسياسية والاقتصادية ، التي تجاوز تدهورها  كل الحدود ، ومست الأمن العام ، والتي لا يظهر للعيان أي حل أو بديل سليم لها في ظل هذا النفاق الاجتماعي والسياسي ، وآثاره على المنظومة القيمية الأخلاقية ، والتي يجب أن نفهم جيدا أنها  ليست عنصرا شخصيا مرتبطا بكل فرد حسب التربية والتدين وأسلوب الحياة ، وإنما هى فرع من منظومة القيم السائدة فى المجتمع الذي أصبحت الحاجة فيه ماسة لإعادة تعريف الكثير من المفاهيم التي لوثتها العقول المتحجرة ومنها مفهوم الحرية الفردية ، التي صنعت منها درائعة وأسبابا معلبة تقذف بها فى وجوه منتقديها ، في تجاهل تام ومتعمد للأسباب الصحيحة أو الأقرب إلى الصحة للأزمة الخانقة التي يعيشها المواطن المغربي، بسبب الإسلام السياسي المرتكز كليا على مظاهر التدين الفلكلوري ، وحرض شيوخه على إظهار مشاهد الإيمانية الزائفة ، كموضة اللحى وزبيبة الجبهة ومداعبة السبحات وصدح الهواتف النقالة بآيات الذكر الحكيم وأحاديث الرسول وآدان الصلوات ، بدلا من العمل بصدق على تغيير أحوال المواطن والوطن إلى ما هو أفضل ، ما جعل الناس يفقدون الثقة ليس فقط في الإسلام السياسي الذين يمثله حزبكم ذي المرجعية الإسلامية ... ولكن أيضا على الفعل السياسي ككل..