adsense

/www.alqalamlhor.com

2018/12/25 - 9:50 م

بقلم الأستاذ حميد طولست
لم تتوقف وسائل الإعلام الوطنية والعالمية بمختلف أشكالها وألوانها وتوجهاتها ، عن نقل خبر الجريمة النكراء التي صدمت كل المغاربة واستنكروها جميعهم ، والتي لا أظن أن هناك إنسانا لديه شعور وحس إنساني لم يهتز لهولها ، ولا أتخيل أن هناك من لم يتأثر بفداحة مشهد التلذذ والإنتشاء بالذبح  ، الذي تغني بشاعته عن أي حديث ، ولا يحتاج لأي نقاش ، ولا يقبل أي تحليل أو مزايدة ، أو أي حجج أو مبررات تسوٌغ حدوث مثل تلك البشاعة الصادمة ، والانحطاط المفرط ، والهمجية المقيتة التي لا ترتضيها الانسانية ، ويرفضها الضمير والعقل السليم، وتصبح معها كل الشعارات والنقاشات والتصريحات ، لا قيمة لها ، ويخجل شرفاء العالم من مجرد مشاهدة صورها التي تصدرت صفحات العديد من جرائد ومجلات العالم تقريبا..
لم تقتصر بشاعة الفعل الإجرامي الذي عرفه جبل أمليل عند حد الفيديو الصادم الذى سجله الحقراء السفلة، لتبرير ما قدموا من همجية حاقدة ، مست سمعة المغرب وخدشت شموخ المغاربة وكرامتهم -المحفوظة مند غابر الأزمان- بل تجاوزته إلى ما هو أفضع وأحط السلوكيات ، المتمثلة في الاصطفاف المخزي لبعض الكائنات المنقرضة ، وتوحدها مع المعتدي ولوم الضحية، بحجة "نصرة" الإسلام ، بدل التنديد بالإجرام الذي أثار ردود فعل كبيرة ، وفجر بداخل المواطن المغربي المسالم بركانا عارما من الغضب ، دفع بالآلاف إلى النزول إلى بعض الميادين، ليس للتنديد بالجريمة النكراء فقط ، ولكن لفضح جبن وازدواجية ونذالة سكوت بعض التيارات والحركات التي ألفت المساومة على كل شيء وبكل شيء مهما كانت مهما كانت الظروف ، فلم تحرك ساكناً وغيبت غوغاءها ، في تواطؤ فاضح مع الإرهاب..
ومهما قيل عن الانجازات التي حققها المغرب والجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية على الكشف عن الإرهابيين ، وفضح كل الذين يعيشون وهم الخلافة والجهاد الغزو ،ويتآلفون مع الدم ويمجدون الذبح ، بشكل مهني وبناء على عمل أمني استخباري متميز، كما حدث مع منفذي جريمة أمليل الوحشية التي وصلوا إليها بالسرعة والضبط اللازمين ، فإنه من الواجب التنويه بتلك الجهود المضنية التي مهما تكثفت وتضافرت فهي لن تستطيع التصدى للأسباب التي تنتج الإرهاب والبيئة التي تفرخ الإرهابيين ، والوقوف ضددها لوحدها، والذي لن يتأتى إلا بتغيير الموروث الاسلامي غير الصحيح المسيطر على الفكر، والذي له يد في كل سبب من أسباب الإرهاب .
فإذا كانت الجهات المسؤولة جادة في حرصها على الدين ووحدة الوطن وحماية المواطن ، وتأمل فعلا في تجفيف منابع الإرهاب وغلق معامل صناعة الإرهابيين ، فما عليها إلا أن تراجع اختياراتها، وتصححَ مساراتها، وتعيد النظر في منظومة القيم التي يبثها شيوخ الدجل الذين لا يعرفون غير لغة المصالح ، ويتخذون الدين مطية لتحقيقها ، ويطالبون بالجهاد دفاعاَ عنها ، الذين عرى الفعل الإجرامي الجبان بشاعة تواطؤهم ، وجسد تعصبهم المقيت ، وفضح  للعالمين ما يعيشونه من انفصام خطير ، وما يعانونه من أمراض حضارية مستوطنة، وجروح السياسية متزلفة، وأورام أخلاقية متقيحة ، ودمامل الكفر ثقافية الروح الحقيقية للأديان السماوية، مشبعة بثقافة لوم الضحية أكثر من لوم الجاني ، وكل ما يمهّد لتفتيت الأمم والأوطان ، الذي ندعوا الله أن يحفظ مغربنا منه.