بقلم عبد الحي الرايس
بِفكْرٍ ووجدان، وقابليةٍ للتكيف مع المكان
والزمان، وقدرةٍ على التفاعل مع ما حوله باستمرار
وإرادةٍ تقوى وتشتد، فتقهر الصعوبات، وتجعلُ
المستحيلاتِ مُمكنات
وتَهِنُ وتضْعُف، فيتراكمُ لديْه الإخفاق،
ويصيرُ أسيرَ اليأْسِ والشعور بالإحباط
يسْمو فيلتمس الحكمة من كل الْمَظانّ، ويجودُ
بالفكر والإبداع، يخترقُ الآفاق، وياتي بجلائل الأعمال
ويَسِفُّ فيهْوِي إلى أدْنى مراتبِ الحيوان،
وكأنْ لا عقلَ له ولا جَنَان
يُولَدُ ضعيفاً لا حول له ولا قوة، فإذا
اشتد عودُه صار عليه أن يختار بين رُشْدٍ ورُجْحان، أو تِيهٍ وضَلال
يذهبُ علماء النفس إلى أن ملامحَ شخصيته
تتحددُ في السنواتِ الخمسِ الأولى من طفولته
ويُردِّدُ الناسُ عادةً مَقولاتٍ من قبيل:
"مَنْ شبَّ على شيْءٍ شاب عليه" و"الطبع يغلبُ التطبع"
قد ينطبق ذلك على كثيرين ممن يستسلمون لظروفهم،
ويتخذون الرتابة والتسليم بالأمر الواقع دأْبَهُم وديْدنَهُم.
وما دَرَوْا أن بأعماق الإنسان يَثْوِي
مارِدٌ جبار، إذا لامَسَهُ الوعْيُ وأضاءه نورُ العلم والإيمان صنع التحولات، وأتى
بالمعجزات
فهذا عمرُ بنُ الخطاب شبَّ على جهالةٍ جهْلاء
وضلالةٍ عمْياء، وانتهى إلى عبقريةٍ فذَّةٍ في الإسلام
وغيرُهُ كثيرون ممن تاهوا في بداية الطريق،
ثم اهتدَوْا فغيَّروا مسارهم، واستقام حالُهم، ومنهم من حقق رائع المنجزات، وأتى بخير
الكشوفات والاختراعات
الْعُمْر قصير، والإقامة بالدنيا شوْطُ
يَسير
محْظوظٌ من حقق ذاتَه، واهتدى إلى سواء
السبيل
ومن ضلَّ فأمامه بابُ التوبةِ وصُنْعِ التغيير
وتدارُكِ ما فات، حتى لا ينطبقَ عليه هيْهاتَ
هيْهات