بقلم عبد الحي الرايس
حين يصيرُ مَرْأَى الْقُمَامَةِ سِمَةً
مُلازمة لِلْحَاضِرَة، تملأُ ساحاتِها وجنباتِ طرقها، فعلى الحضارة السلام، وعلى المُواطَنةِ
والْبِيئَةِ البصريَّةِ والذوقِ العام ألْفُ تحيةٍ وسلام.
تَبْذُلُ الجماعاتُ جُهُوداً حثيثة للتغلب
على الظاهرة، فتُفوِّضُ التدبيرَ لشركاتٍ مُتخصصة، تتكفَّلُ بالجمع والإيصال إلى المطارح،
فَتَبُثُّ حاوياتٍ هنا وهناك، وياتي ذلك ببعضِ الْحَلِّ لكنْ دون حَسْم، فالْمُتَعَيِّشُونَ
من القمامة لا يلبثون أن يَمُرُّوا ليْلاً ليقلبُوا عاليَها سافلَها تَنْقيباً عن مُكوِّناتٍ
لها في السوقِ عائداتُها.
ويَنْتفضُ الفاعلُ الْمَدَني ليُمارسَ دوْرَهُ
في التوعية والتحسيس، فيبدأ من حيث ينتهي الْمُتَعَيِّشُون، لِيُوَفِّرَ عليْهم الْعْنَاء،
ويأبى إلا أن يتواصلَ ويطرقَ الأبواب حَاثاً على فَرْزِ القمامة وتصنيفها من البيت
والمطبخ، من المنبع والمصدر، فيصيرُ لبعضها وزنُه وثَمنُه، ويخفُّ بعضُها الآخر، فيسهلُ
حملُه .
عندها تبدأ الدوْرَةُ مُلتزمةً واعيةً هادفة،
وينبغي لها بعد ذلك أن تكتمل: استلهاماً لتجاربَ رائدةٍ ناجحة، جعلتْ من القمامة مصدرَ
طاقةٍ وثروة، بعد أن كانت مُجرَّدَ .قاذوراتٍ تزْكُمُ الأنف، وتؤذي العين، وتُسِيءُ
لِلسّمْعة
ولنْ تكتملَ الدورة إلا بمجهودٍ من المسؤول
الجماعي والْمُدَبِّرِ الْمَحَلِّي يُطوِّرُ شروطَ تَعاقُدِه، ويُحَيِّنُ دفاترَ تحمُّلاته،
وينْقُلُ الحاويات من بارزةٍ ظاهرة، إلى مطمورةٍ باطنة، ثم يُولِي كلَّ عنايته وانشغاله
إلى استكمال تجهيز المطرح ليجعلَ ما يَصِلُهُ من قمامة مصدر طاقة وإنارة، وسمادٍ يُغذي
الأرضَ ويَدْعَمُ الفلاحة.
الفرزُ والتثمين عنوانُ مجهودٍ ينبغي أن
يتحمَّسَ له وينخرطَ فيه الجميعُ باستعجالٍ ودون استثناء، إذْ لا يَقْبَلُ مزيداً من
الانتظار....