ترأست صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء،
مساء يوم أمس الجمعة 22 يونيو بفاس، حفل افتتاح الدورة الـ 24 لمهرجان فاس للموسيقى
العالمية العريقة، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت
شعار “معارف الأسلاف وتجديد مدينة فاس”.
ولدى وصولها إلى الموقع التاريخي لـ “باب
الماكينة”، استعرضت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تشكيلة من القوات المساعدة
أدت التحية، قبل أن يتقدم للسلام على سموها كل من السادة محمد الأعرج وزير الثقافة
والاتصال، وسعيد زنيبر والي جهة فاس- مكناس عامل عمالة فاس، وامحند العنصر رئيس مجلس
الجهة، وادريس الأزمي الإدريسي رئيس مجلس المدينة، والحسين عبادي رئيس مجلس عمالة فاس،
وادريس الداودي رئيس مجلس المشور- فاس الجديد.
كما تقدم للسلام على سمو الأميرة رئيس مؤسسة
“روح فاس” السيد عبد الرفيع زويتن، إلى جانب أعضاء اللجنة التنظيمية للدورة الـ 24
لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة.
إثر ذلك، التحقت صاحبة السمو الملكي الأميرة
للا حسناء بالمنصة الرسمية، حيث تابعت سموها عرضا افتتاحيا يعد بمثابة مقاربة شعرية
وموسيقية كبرى للعلاقة المميزة القائمة في المدينة بين المعمار والصناعة التقليدية
والفرق الصوفية والحرف اليدوية.
وتقوم فكرة هذه اللوحة الإبداعية التي ميزت
افتتاح المهرجان، على المعطى الذي يفيد بأن المهارات الحرفية في التقاليد الإسلامية
والعربية، تحرص على دمج الحرف بالحكمة والبعد الرباني والروحي الذي يجد تطبيقه العملي
في الحياة اليومية. والحركة الحرفية هي شظية من العمل العالمي للروح المبدعة للكون.
وينطلق تصميم هذا العمل الإبداعي الرصين
من رسم أسود وأبيض ذو ذوق رفيع أعطى بكيفية تدريجية هندسة تاريخية ملونة. إنه عمل يقوم
على أنماط هندسية قوامها فسيفساء الموشارابي أو أشكال منسوجة تتماشى مع قلم جوليان
بروطون، خطاط الكتاب (الخطاط- الخفيف).
وجمع هذا العمل الإبداعي المصمم من طرف
المخرج الفني آلان ويبر والمكتوب موسيقيا من طرف الملحن ورئيس الجوق رمزي أبو رضوان،
بين فنانين مرموقين من المغرب والعالم العربي تمكنوا من إبراز الجانب التقليدي والمعاصر
لهذه الحرف الفنية.
وفي ختام هذا الحفل، تقدم للسلام على صاحبة
السمو الملكي الأميرة للا حسناء أعضاء العرض الفني الافتتاحي.
ولقد شكلت هذه اللوحة الفنية البهية أولى
نغمات برمجة تستوحي مضامينها من موضوع “معارف الأسلاف وتجديد مدينة فاس”.
وتستمر فقرات المهرجان إلى غاية 30 يونيو
الجاري، وسيمكن من خلال برمجة غنية من الربط بين موروث حرفي فريد تعد ركيزته الأساسية
المعطى الروحي والإبداع المعاصر الذي يفتح الباب أمام آفاق جد واعدة.
وستجمع البرمجة الموسيقية للمهرجان هذه
السنة بين أزيد من عشرين بلدا: من التضامن الدولي مع غوران بيرغوفيتش ورسائله إلى سراييفو،
إلى النسيج الموسيقي المنظم من طرف الأستاذ جوردي سافال في عرضه “ابن بطوطة، رحالة
الإسلام”، إلى غوسبيل دو سوفيتو من جنوب إفريقيا في”إلى قلب إفريقيا الصوفية”، مع مجموعة
متندوني مولد زنجبار، ومجموعة مصر العليا وغناء الخضر الصوفي من السنغال، والبرمجة
الموسيقية لشتات طائفة السيفراد إلى المعبد اليهودي “صلاة الفاسيين”.
وتروم هذه الدورة العمل على استدامة روح
المدينة، وذلك بفضل التقاطعات الموجودة بين مختلف العادات الثقافية التي تشكل بوتقة
تاريخ المغرب، ولكن أيضا الحرفية التي تعد أصل النسيج الاجتماعي الذي يؤلفها.
وسيعرف المنتدى الذي سيقام بالتوازي من
23 إلى 25 يونيو الجاري، مشاركة العديد من الباحثين، الكتاب والفلاسفة الذين سيسلطون
الضوء على روح التسامح والتعايش من خلال الفنون والموسيقى.
وحسب المنظمين، يتطلع المهرجان الذي يشكل
رمزا للحوار بين الأديان والثقافات إلى تحفيز التفكير، والدعوة إلى التبادل وطرح التساؤلات
الضرورية في عالم يعيش تحولات اقتصادية، سياسية واجتماعية.
وعلى غرار الدورات السابقة، يقدم مهرجان
فاس للموسيقى العالمية العريقة باقة متنوعة من التعبيرات الموسيقية لمختلف عادات وثقافات
العالم، وكذا حفلات موسيقية مجانية مفتوحة في وجه العموم وأمسيات صوفية، فضلا عن أنشطة
بيداغوجية أخرى.
ويندرج مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة
ومنتداه، الذين تم إحداثهما على التوالي سنتي 1994 و2001، في إطار التقليد المعرفي،
الفني والروحي للمدينة. فمنذ خروجه إلى حيز الوجود، عرف هذا الموعد نجاحا متناميا،
حيث صنف المهرجان سنة 2001 من طرف الأمم المتحدة كواحد من التظاهرات الهامة التي تساهم
في حوار الحضارات.
وقد استقطب هذا الحدث الذي يتميز بجاذبيته،
فنانين ذوي شهرة عالمية من مختلف المشارب، قاسمهم المشترك هو البحث عن ما هو مقدس.
وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر من بينهم جوان بايز، باتي سميث، بيورك، بن هاربر، باكو
دي لوسيا، رافي شانكار، صباح فخري، كاظم الساهر، منير بشير، أسماء لمنور، وديع الصافي،
جوليا بطرس، الشيخ ياسين التوهامي، ويليام كريستي، باربرا هندريكس، جيسي نورمان، جوردي
سافال ومونتسيرات فيجوراس، تيريزا بيرجانزا، جان كلود كاساديسوس، آرشي شيب، راندي ويستون،
يوسو ندور وساليف كيتا.
ويشكل المهرجان، أيضا، مشتلا يعرف الجمهور
على مواهب لا زالت لم تعرف على نطاق واسع أو ذات مشاريع طموحة جادت بها مخيلة موسيقيين
وشعراء مغامرين. ومنذ عدة سنوات، وتحت إشراف مديره الفني، يعمل المهرجان كذلك على إطلاق
ابتكارات وازنة متعددة الأبعاد تعرض خلال الافتتاح، ومن ثم، فإن نحو 90 فنانا تعاقبوا
أحيانا على الخشبة.
والأكيد أن تنوع العروض الفنية، والإبداعات
المرموقة، والأمسيات الصوفية الشعبية، مرورا بالعروض والحفلات الستين المبرمجة، ستتماهى
مع روح حاضرة فاس.