بولاغراس مصطفى
نشرت صحيفة لابروفيننثيا، التي تصدر بمدينة
لاس بلماس في عددها ليوم الجمعة 11 مايو2018، مقالا تحليليا للكاتب والصحفي مانويل
فيدال خصصه لدحض المزاعم والأكاذيب التي ما فتئ يروجها بعض المناصرين لأطروحات انفصاليي
جبهة البوليساريو بالجزر الخالدات من خلال استغلال مناصبهم السياسية وأموال دافعي الضرائب
وفي مقدمة هؤلاء شخص يدعى كارميلو راميريث والذي كرس جل حياته السياسية ولا يزال للدفاع
عن وهم الانفصال لإغراض لا يعرفها إلا هو ومن يحركه ، علما بان كل المبررات التي يسوقها
لهذا الغرض مجانبة تماما للصواب ، وتهدف أساسا
إلى تغليط الرأي العام ، ليس إلا، كونه يعتمد على معطيات ومعلومات خاطئة بهدف التعتيم
والتغليط وهو الرجل السياسي المسير لإحدى المناطق المهمة في اسبانيا والمحاذية للمناطق
الصحراوية للمملكة المغربية.
وفي هذا السياق، حاول الكاتب الصحفي، مانويل
فيدال، سرد العديد من الحقائق التي تفند مزاعم كارميلو راميريث ومن يسير على نهجه ودحضها بمعطيات مدققة ، حين أشار إلى آن المعني
بالأمر ومن يسمون أنفسهم بأصدقاء الصحراء هم في الواقع أصدقاء الصحراويين من أصل جزائري
وموريتاني ومن مالي والذين تؤثث بهم الجزائر مخيمات تندوف أما الصحراويون الحقيقيون
فهم موجودون في الصحراء الغربية المغربية حيث يساهمون في التنمية الاقتصادية والمسار
الديمقراطي، وهو ما يحاول أمثال راميريث تجاهله
رغم أنهم وصلوا إلى مرحلة من الشيخوخة الفكرية والسياسية بشكل متزامن مع من كلفوا من طرف الجزائر أيام قررت
صنع البوليساريو عندما قرر الرئيس بومدين
ذلك واعتبر آنذاك مشكل الصحراء بمثابة ما اسماه "بحصى في حذاء المغرب
" ،
وقد عمل كاتب المقال ، ومن خلال سرده للعديد
من الحجج المدققة على تفكيك كل الادعاءات البالية والتي تعود إلى فترة الحرب الباردة
والتي لازال مثل هذا المسؤول في الجزر الخالدات ومن يسمون أنفسهم بأصدقاء الصحراء ومن
يدور في فلكهم من قياديي البوليساريو وبالطبع الجزائر، الترويج لها من اجل فرض أطروحة
فاشلة تهدف إلى قطع العلاقات التجارية الاقتصادية بين المناطق الصحراوية المغربية وجزر
الكناري ، واستغلال منصبه كمسؤول عمومي للضغط على بعض الشركات من اجل وقف علاقاتها
التاريخية من الضفة الأخرى للمناطق الصحراوية ، غير أن مساعيه باءت بالفشل ، بالرغم
من الحملة الدعائية الفجة التي سخرها لهذا الغرض بهدف التشويش والقفز على الحقائق والحجج
التاريخية التي تؤكد على مغربية الصحراء.
وهذا ما أكده الكاتب مانويل فيدال حين قام بمحاجة من يروجون للأكاذيب والادعاءات من خلال
سرد موضوعي لكل المعطيات التاريخية التي تؤكد على مغربية الصحراء منذ استرجاعها من
المستعمر الاسباني سنة 1975 مروراً باتفاقيات مدريد وكذا الصعوبات التي أدت إلى استحالة
إجراء استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة بسبب وجود خلافات عميقة بين الطرفين حول من
له الحق في المشاركة في الاستفتاء أو بالنسبة لعودة اللاجئين، مما حدا بالمنظمة الأممية
البحث عن سبل أخرى متوافق عليها لحل النزاع المفتعل ، وليس بسبب "تعنت" المغرب
كما يحاول الحاكم المحلي لكران كاناريا الترويج له بعيدا عن كل موضوعية همه في ذلك
الدعاية لأطروحة البوليساريو الانفصالية.
وفي السياق نفسه قام الكاتب بدحض ادعاءات
الحاكم المحلي بخصوص دعم منظمة الوحدة الإفريقية لمسالة تقرير المصير للشعب الصحراوي مشيرا إلى
إن هذا مجرد كلام مكرر على الدوام وكل ما في الأمر وكما هو معروف فان المملكة المغربية
كانت قد انسحبت من منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1984 عندما صوتت 26 دولة آنذاك على انضمام
ما سمي بالجمهورية الصحراوية بسبب الدور الكبير للجزائر آنذاك وبمباركة من حليفين مهمين
كنيجريا وجنوب إفريقيا. إلا أن العودة التاريخية للمملكة المغربية إلي حضن الاتحاد
الإفريقي في شهر يناير 2017 بدعم من 39 دولة من أصل 46 فان الكفة ستميل لا محالة لصالح
المغرب ، والذي أصبح ثاني مستثمر في إفريقيا
الغربية بعد جنوب إفريقيا ، وعلى سبيل المثال لا الحصر فان شركة الخطوط الجوية
الملكية تؤمن 22 وجهة في إفريقيا مقابل خمسة فقط للخطوط الجوية الجزائرية. وبالتالي
يؤكد كاتب المقال أن الدولة المزعومة التي
أسسها البوليساريو في الجزائر عرفت في السنين الأخيرة تآكلا كبيرا بخصوص عدد الدول
التي كانت تدعمها في السبعينات والثمانينات، ففي القارة الأفريقية مثلا لم تبق من تلك
الدول سوى الجزائر ونيجيريا وجنوب إفريقيا إما على الصعيد العالمي فلم تبق إلا بعض
الدول ذات التأثير المحدود جدا.
من جهة أخرى استطاع الكاتب الاسباني مانويل
فيدال في هذا المقال تنفيه الادعاءات التي يرددها هؤلاء الموالون للبوليساريو باستمرار
بهدف تغليط الرأي العام، عندما يتحدثون عن استغلال ثروات الصحراء، مشيراً في هذا الصدد
إلى أن هذا الموضوع مردود على أصحابه ، كون الغالبية العظمى من المسئولين والمنتخبين الذين يسيرون الشأن العام في المناطق الجنوبية المغربية
ينحدرون من تلك المناطق وان العديد منهم كانوا من قياديي البوليساريو والذين ينتمون
إلى آلاف الأشخاص الذي غادرت مخيمات تندوف بالجزائر أواخر الثمانينات ، مضيفا بان غالبية
الثروات في تلك المنطقة هي في ملك الصحراوية أنفسهم في مختلف المجالات ، فضلاً عن ذلك
فان كل الفائزين في كل الاستحقاقات الانتخابية هم من الصحراويين كذلك.
أما بخصوص الادعاءات المتعلقة بانتهاكات
حقوق الإنسان بالمناطق الصحراوية والتي يستغلها هؤلاء كذريعة للقيام بمحاولات دعائية
ضد المغرب ، فقد أشار الكاتب في المقال إلى أن المملكة المغربية قامت بمجهودات جبارة
للقطع مع ممارسات الماضي أو ما سمي بسنوات الرصاص من خلال جبر الضرر في كل جهات المملكة
ومنها الأقاليم الجنوبية ، منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية
، وقد تم تعويض أزيد من عشرة ألاف من الضحايا
وعلى سبيل المثال فان سنة 2017 وحسب تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" فان
وضعية حقوق الإنسان عرفت تحسنا كبيرا ، على عكس ما هو مألوف عند البوليساريو في مخيمات تندوف بالجزائر حيث يتم التعدي على حقوق الإنسان باستمرار، وبشكل ممنهج وهناك العديد من الأمثلة لحالات أشخاص
عانوا من ذلك، كما هو الشأن بالنسبة للعديد من القياديين السابقين الذين تعرضوا لأبشع
أنواع التعذيب بعد الانتفاضة التي عرفتها مخيمات تندوف، وقد عاد العديد منهم إلى أرض
الوطن بالمغرب، واليوم يشغل العديد منهم مناصب في تسيير الشأن العام بالمناطق الجنوبية
للمملكة، وفي نفس السياق ذكر الكاتب بالدعوى القضائية التي رفعها رئيس جمعية المفقودين
لدى البوليساريو ضد ثمانية وعشرين قياديا من هذه المنظمة وضد مسؤولين جزائريين كبار من اجل جرائم ضد الإنسانية
والقتل العمد والاختفاء والتعذيب والتي قام بها هؤلاء منذ الثمانينات في مخيمات تندوف
ضد أسرى الحرب وضد الصحراويين أنفسهم خصوصا من أصل اسباني والذين يوجدون تحت قبضة البوليساريو،
وكانت المحكمة الوطنية الاسبانية قد قبلت هذه
الدعوى سنة 2012 من طرف القاضي بابلو روث ، مع الإشارة في هذا الإطار إلى كون غالبية
المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، يتحركون في الدول
الاوروبيه بكل حرية بجوازات سفر جزائرية ، وهم في غالبيتهم من يشكلون النواة المسيرة
للبوليساريو، وقام الكاتب بسرد أمثلة كثيرة للانتهاكات التي يقوم بها قياديو الانفصاليين،
وهي معروفة وموثقة ومن بينها الدعوى المرفوعة ضد ابراهيم غالي " الزعيم الجديد"
للبوليساريو من طرف الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، بسبب تورطه في إبادة
وتعذيب واختفاء العديد من الصحراويين، وهي الدعوى التي تم قبولها من طرف القاضي المعروف
بالمحكمة الوطنية العليا باسبانيا ، خوسي دي لاماطا.
وقد أشار الكاتب إلى وجود حالة يتم التكتم
عليها، تتعلق باختفاء احد القياديين البارزين
في جبهة البوليساريو ومنذ تسع سنوات ، وهو احمد خليل ومن المرجح حسب أبنائه أن يكون
معتقلا في إحدى السجون الجزائرية. والى اليوم فان ابنه رشيد خليل يطالب عن كشف مصيره
.
وقد حاول الكاتب في نهاية هذا المقال المطول
والغني بالمعطيات المدققة الإجابة عن العديد من النقط المتعلقة بعلاقة اسبانيا كقوة
كانت محتلة للصحراء ، مشيراً إلى أن هذه العلاقة انتهت يوم 26 فبراير 1976 عندما أعلن
مندوبها الدائم آنذاك أمام هيئة الأمم المتحدة انتهاء وجودها في الصحراء وكونها في
حل من كل التزام تجاه مستعمرتها السابقة.
أما بخصوص علاقة الجزر الخالدات بالدعم
المقدم لما يسمى"بالشعب الصحراوي" خصوصا من طرف الحاكم المحلي كارميلو راميريث
ومن يسير على نهجه ، فان الكاتب يشير انه من المؤسف حقا أن نرى أشخاصا يرتكبون مثل
هذه الحماقات عندما يقومون بصرف كميات كبيرة من المال العام لفائدة أشخاص يقومون بتحويل
تلك المساعدات المسماة بالإنسانية لإغراض أخرى وتحويلها لصكوك تجارية تباع في الجزائر
وموريتانيا ومالي ، وهذا التلاعب في تلك المساعدات مؤكد في التقرير الذي كانت أعدته
الوكالة التابعة للجنة الأوروبية الكلفة بمحاربة الغش سنة 2015 ،حين قامت بالتحقيق
في الموضوع بخصوص الفترة الممتدة بين 2003
و2007 .
وكذلك إلى وجود جبهة رفض داخل البوليساريو
والتي سئمت من الممارسات التي تنهجها القيادة، التي الفت استغلال معاناة الناس للاستمرار
في الاستفادة من الامتيازات بدون أدنى خجل ، ومن بين الأصوات التي أصبحت تنادي بالتغيير
نجد الحاج احمد بريك الله شقيق احمد البخاري مندوب البولساريو في الأمم المتحدة والذي
توفي مؤخراً، وكذا إلى وجود تيار معارض داخل مخيمات تندوف يعرف بخط الشهيد ، أسسه السالك
محمد عياد سنة 2004 للمطالبة بوضع حد للرشوة المتفشية داخل البوليساريو والجمهورية
المزعومة وتخليق الحياة العامة. فغالبية قياديي
البوليساريو لا يتعدى مستواهم الدراسي الصف الابتدائي ، لكنهم أساتذة في الحفاظ على
نظام منغلق على نفسه ضدا على أي انفتاح نحو الديمقراطية لأنهم يتوارثون المناصب والمنافع
بين فئة معروفة ومغلقة منذ ما يزيد عن أربعين سنة.