بقلم أستاذ حميد طولست
بالأخلاق تبنى الشعوب على أسس سليمة ، وأسرع وسيلة لبث الأخلاق وانتشارها في الشعوب
هي الإعلام بكل وسائله ، وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعي التي ،مع الأسف الشديد،
أن اغلب مستغليها ، هم أناس غير مهنيين وغير مثقفين أو كتاب أو مفكرين
، حولوا هذا النوع من الإعلام إلى وسيلة للارتزاق بالمعلومات الهائلة التي أن يعتمدون
فيها على النفس الطائفي الناشر للتفرقة والقاتل روح المواطنة ، كما فعل مع السيدة
"نجاة عتابو" التي تصدى لها بعض الجبناء من خلف حواسبهم ، بالتجريح والقذف
والقدح والافتراء والطعن والتخوين المجاني في وطنيتها وشجاعتها ، مستغلين الحرية التي
أتاحها لهم الفضاء الالكتروني ليمارسوا بأسماء وهمية وألقاب مصطنعة هواياتهم التافهة
في تعهير بادرتها الراقية وسلوكها الجميل وتسخيره للافتراءات والبذاءات والاتهامات
الجزافية ، بلغة ركيكة وهزيلة لا تحمل من العربية إلا اسمها ، وأسلوب صبياني لا يمت
للمهنية الصحفية بأية صلة ، ما أدى بهم إلى فقدان الثقة المتلقين - وهذا لا يعني إنكار
وجود جهات إعلامية موثوق بها ولكنها مع الأسف قليلة جدا- ، لا لشيء إلا أن حب السيدة
عتابو لوطنها وغيرتها على مدينتها ، أبت عليها إلا أن تشجب ما تتعرض له "الخميسات"
من تدهور كاسح ، وبهدلة عارمة لكل معالمها ، تحولت معها نموذجا لأقبح مدينة تفتقد لابسط
أسس المدنية والتمدن ، بما تناثر في أحيائها السكنية من منازل شاحبة كسيرة ، غارقة
في سحب البؤس الاجتماعي والاقتصادي السابح في مراثي القهر والضياع والاستلاب المندمج
في غيوم الكبت النفسي والجنسي والثقافي ، ومختلف المشاكل الأمنية والمعيشية والصحية
والتعليمة ، بلا كهرباء ، ولا ماء ، ولا طرقات منظمة ، ولا مصحات ، ولا مدارس ، ولا
حضانات ، ولا رياض أطفال ، ولا مراكز ثقافية ، ولا نوادي ترفيهية ، ولا سينمات ، ولا
مسارح ، ولا حدائق ، ولا مراكز تجارية ، وكل ذلك تحت مسمع وأنظار منتخبيها الذين اعتادوا
إخفاء رؤوسهم في الرمل مخافة مجابهة مشاكل المواطنين على جميع مستوياتها
.
وهنا وأمام هذا السلوك الحرج الذي ينم عن
انحطاط أخلاقي ناتج عن عوامل التنشئة الاجتماعية والجغرافية ودرجة والعي والفهم ، لا
يسعني كأي مغربي محب لوطنه معتز بانتمائه إليه ، مفتخر بملكه الذي لا يدخر جهدا ولا
يستسلم ولا يخنع ولا يركع ويقاوم ويواجه بصلابة من أجل أن يبقى هذا البلد آمنا مستقرا،
إلا أن أقول لمستعملي مواقع التواصل الاجتماعي ، الذين يحاولون عبر الفيسبوك ، والتويتر،
واليوتيوب ، استصدار حق كل غيور على وطنه ومنعه من التعبير عن رغبته في غد أفضل لمدينته
وتوقه إلى تغيير أوضاعها وأوضاع وطنه وإصلاح أحوالهما ، ويستكثرون عليهم شجب الفساد
المجتمعي والسياسي والتعليمي والصحي والأخلاقي والنفسي الناتج عن انشغال منتخبيهم بتكدس
المال والثراء ، دون عائد اقتصادي أو اجتماعي ، بدل التفاني في خدمتهم وخدمة مدنهم
وأحيائهم ، نعم نقول لهؤلاء أنهم خونة ، يخونون هذا الوطن وملك هذا الوطن وشعب هذا
الوطن ، لأنه خائن كل من ينشر تعليقات رعناء مستنسخة محفوظة عن ظهر قلب ، تزكي الأوضاع
الفاسدة ، ويردد مع " الغياطة والطبالة " المقولة الشهيرة : "العام
زين آ الغياطا زيدو غيطوا".
وخائن كذلك كل من يفرض على المواطنين الشرفاء
أن يدفنوا رؤوسهم في الرمل ، كالنعامة، ويحتم عليهم أن يتركوا مواجهة ما تتعرض له مدنهم
من مؤامرات وما يداهمها من مشاكل تعوق التنمية والتقدم بها ، للظروف والمصادفات
.
وخائن كذلك كل من يتمسك بالصمت الجبان ويلتزم
الحياد المنافق ، فلا يجابه ولا يواجه ، ولا يجهر بحيرته ولا يفصح عن ارتباكه وحيرته،
ولا ينبش في جذور أسباب التراجع والتدهور الذي يعتري وضعه ووضع وطنه، ويحل غيابه محل
حضوره، ويترك الأسئلة المصيرية بلا إجابات ، طمعا في مكسب مادي ، أو حفاظا على مركز
أو وظيفة .
وفي الختام ، وحتى لا نظل أناسا لا نقصر
في الأسى على أوضاعنا ، نتحسر ونتأسف ، قاعدين ، نتمزق بين الحزن والإشفاق ، ونتلظى
بين الطموح والعجز ، الرغبة والكبت ، ثم سرعان ما نطوي آلامنا ونعلقها على مشجب ضغوطات
الظروف والإحباطات، علينا أن نحذو حذو هذه السيدة الفاضلة ونتخذها قدوة في فضح الفساد
، حتى يُقضى على المفسدين في بلادنا ..
وكل الاعتزاز والتقدير لوطنية وشجاعة السيدة
نجاة عتابو ولكل ومغربي شريف يريد مصلحة المغرب وشعب المغرب ويعمل على إبعاد الأذى
عنهما ، والخزي والعار لكل من يروج الإحباط بين المواطنين ، ويشجعهم على التقاعس والإتكالية.