أفاد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف
بالرباط السيد حسن الداكي اليوم الاثنين 12 يونيو، أن ممثل النيابة العامة أكد في مرافعته
أن المتهمين في قضية أحداث مخيم اكديم إزيك، خططوا لإنشاء المخيم في إطار مخطط محبوك
يمس بالنظام العام مستغلين في ذلك حسن نية العديد من الملتحقين به.
وقال الوكيل العام للملك في تصريح صحفي
عقب انتهاء جلسة اليوم التي أعطيت فيها الكلمة للنيابة العامة، إن ممثل الحق العام
أعرب في مستهل مرافعته أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة سلا، عن استغرابه لمقاطعة
المتهمين للمحاكمة بالرغم من استجابة المحكمة لأغلب طلباتهم ، وأهمها استدعاء شهود
النفي، والشهود محرري محاضر الضابطة القضائية ، والأمر بإجراء خبرات طبية عليهم، لتنتهي
إلى أن المتهمين انسحبوا بعد تطويقهم ومواجهتهم بوسائل إثبات دامغة.
وبعد أن قدمت النيابة العامة، يضيف المسؤول
القضائي، السياق العام الذي وقعت فيه أحداث مخيم اكديم إزيك ، أشارت إلى أنه ثبت من
خلال تحركات بعض المتهمين عبر الحدود الوطنية بأنهم كانوا يترددون على دولة مجاورة
معادية للمغرب في إطار الإعداد لإنشاء المخيم.
وأبرزت النيابة العامة أن المكالمات الهاتفية
الملتقطة طبقا للقانون، كشفت بأن بعض المتهمين كانوا يتلقون تعليمات من جهات أجنبية
لإحكام السيطرة على المخيم ، وعرقلة كل الجهود التي تقوم بها السلطات العمومية مع ما
يسمى بلجنة الحوار ، وذلك بالاستمرار في رفع سقف المطالب إلى غاية جعلها تعجيزية في
أفق التحضير للجرائم التي وقعت يوم 8 نونبر 2010 في حق أفراد القوة العمومية.
وانتهى ممثل النيابة العامة ، وفقا للوكيل
العام للملك، إلى أن الجرائم التي اقترفت بالمخيم تم تنفيذها في إطار عصابة إجرامية
أخضعت المخيم لتنظيم هيكلي وزعت فيه الأدوار والمهام بدقة بين المتهمين ، من مدير للأمن
، وشرطة حدود ، ولجنة تمويل ، ولجنة حوار ، ولجان تنظيمية أخرى مختلفة.
وأفاد المصدر ذاته، أن النيابة العامة تناولت
خلال مرافعتها بالتحليل مختلف وسائل الإثبات التي عرضت على المحكمة وتمت مناقشتها بعد
النقض والإحالة ، منها شهادة الشهود ، والأشرطة الموثقة للأحداث التي وقعت بالمخيم
، والمكالمات الهاتفية الملتقطة والتي أثبتت تورط المتهمين في الأفعال الجرمية المنسوبة
إليهم ، ما قد يغني المحكمة عن اعتماد تصريحاتهم كما وردت بمحاضر الضابطة القضائية.
وذكر السيد الداكي أن النيابة العامة توقفت
أيضا، وهي بصدد مناقشة وسائل الإثبات المقدمة في مواجهة أحد المتهمين الذي تمسك مع
دفاعه قبل الانسحاب من المحاكمة بتعرضه للتعذيب من قبل الضابطة القضائية، عند الطبيعة
القانونية للجنة مناهضة التعذيب وعند طبيعة القرارات الصادرة عنها ، حيث انتهت إلى
أن اللجنة المذكورة لا تصدر قرارات موجهة للدول وإنما تصدر مجرد توصبات، فضلا عن كون
هذه اللجنة أصدرت قرارها في الموضوع دون أن
تتأكد من استنفاذ مقدم البلاغ لوسائل النظام الداخلية المنصوص عليها قانونا ، وسبل
الانتصاف المحلية وذلك خرقا للمادة 107 من قانونها الداخلي .
وأشارت النيابة العامة كذلك إلى أن لجنة
مناهضة التعذيب أصدرت قرارها في وقت لا زالت فيه القضية معروضة على أنظار القضاء الوطني
وفي الوقت الذي فتحت فيه النيابة العامة بحثا بشأن ادعاءات تعرض المتهم المذكور للتعذيب
والذي لم يتفاعل معه إيجابيا من خلال رفضه الاستماع إليه من قبل الشرطة القضائية في
الموضوع رغم محاولتها معه في ذلك ، وكذا رفضه
الخضوع للخبرة الطبية رغم محاولة اللجنة الطبية إقناعه بشأن ذلك.
وأفاد الوكيل العام للملك أنه بعد أن تناولت
النيابة العامة بالتحليل مختلف الجرائم التي تورط فيها تسعة من المتهمين ، قررت المحكمة
تأحير القضية إلى يوم غد الثلاثاء لمواصلة مرافعة النيابة العامة.
وأوضح السيد الداكي، أنه تنفيذا لأمر المحكمة
توجه كاتب الضبط إلى المكان المخصص للمعتقلين بمقر المحكمة بغاية تلاوة محضر الجلسة
على المتهمين، غير أنه بمجرد شروعه في ذلك قاطعوه من جديد كعادتهم رافضين الاستماع
إليه مما حال دون إتمامه لمهمته على الوجه المطلوب.
من جهة أخرى، أشار الوكيل العام للملك إلى
أن جلسة اليوم أحضر لها المتهمون المعتقلون ، كما حضر أطوار الجلسة أيضا المتهمان الموجودان
في حالة سراح، والمحامون المعينون من قبل المحكمة لمؤازرة المتهمين في إطار المساعدة
القضائية، ودفاع المطالبين بالحق المدني، كما استمر المتهمون الموجودون في حالة اعتقال
في الامتناع عن الالتحاق بقاعة الجلسات للمثول أمام المحكمة التي قررت من جديد اعتماد
مقتضيات المادة 423 من قانون المسطرة الجنائية، ومواصلة مناقشة القضية في غيابهم على
أن يتم إبلاغهم في نهاية الجلسة من قبل كاتب الضبط بكل ما راج بها وتحرير محضر بذلك.
وأكد الوكيل العام للملك أنه تم الحرص كالعادة
على تيسير ولوج المحكمة للوافدين عليها بغاية تتبع أطوار المحاكمة، حيث واكب إجراءات
المحاكمة خلال جلسة اليوم بعض أقارب المتهمين والضحايا وملاحظين، ومتتبعين مغاربة وأجانب،
وكذا منابر إعلامية مختلفة وطنية ودولية.
يذكر أن محاكمة أكديم إزيك التي أحيلت على
غرفة الجنايات الاستئنافية بسلا بعد قرار محكمة النقض إلغاء الحكم الذي أصدرته المحكمة
العسكرية سنة 2013 في حق المتهمين، تعرف مواكبة إعلامية وطنية ودولية، وحضور مراقبين
دوليين.
وكانت المحكمة العسكرية بالرباط قد أصدرت،
في 17 فبراير 2013، أحكاما تراوحت بين السجن المؤبد و30 و25 و20 سنة سجنا نافذا في
حق المتهمين في هذه الأحداث، بعد مؤاخذتهم من أجل تهم “تكوين عصابة إجرامية، والعنف
في حق أفراد من القوات العمومية الذي نتج عنه الموت مع نية إحداثه والمشاركة في ذلك”.
وخلفت الأحداث التي شهدها مخيم اكديم إزيك،
11 قتيلا بين صفوف قوات الأمن، من ضمنهم عنصر في الوقاية المدنية، إضافة إلى 70 جريحا
من بين أفراد هذه القوات وأربعة جرحى في صفوف المدنيين، كما خلفت الأحداث خسائر مادية
كبيرة في المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة.
(ومع)