بقلم الأستاذ حميد طولست
الأعياد مناسبات عظيمة وجليلة في نفوس
المسلمين في جميع بلدان العالم العربي والإسلامي، تتحد في الكثير من مظاهرها وأنماطها
بين العديد من الشعوب ، وقد تختلف في بعض العادات والخصوصيات من بلد لآخر ، دون أن
يمس إختلافها جوهر العيد ، لكن المسيئ لسمعة
الدول العربية والإسلامية ، هو اختلاف مواعيد أعيادها ، وتباين مواقيت الاحتفال بها
في زمن تطور فيه العلم وتقدمت فيه التكنولوجيا الحديثة ، وأصبح باستطاعة أي قمر صناعي
يدور في السماء مشاهدة إعطائنا تفاصيل ما يحدث أبعد بقعة في قعر أعمق المحيطات .
صحيح أنه ليس بجديد ولا بغريب، أن يختلف
العرب والمسلمون في أمورهم عامتها السياسية والدينية ، فقد تعودت الأمة على أن تختلف
حول تواريخ الأعياد المتعلقة بالأهلة ، كعيد الفطر والأضحى ، واللذان يبلغ أحيانا الفارق
الزمني بينها، إلى يومين كاملين ، وحتى بين البلدان ذات الحدود المتجاورة منها ، خاصة
موعد عيد الأضحى المرتبط بتحديد يوم وقفة عرفات التي تجري على أراضيها، والتي تعد الركن
الأعظم في أداء فريضة الحج الذي يذكر أمة التوحيد، بأنها أمة واحدة يجمعها رب واحد
وكتاب واحد وقبلة واحدة، والمفترض أن تكون كتلة واحدة موحدة، ومن الطبيعي أن تكون أعيادها
واحدة وعلى رأسها عيد الفطر.
فهل حان الوقت لتحقيق تلك الوحدة ولو
في أبسط صورها المتجلية في عيد الفطر الذي يعقب شهر رمضان ، حتى تتجنب تشويه صورتها
في أعين غير المسلمين من اليهود والنصارى والبوذيين والهندوس، الذين لا يختلفون في
موعدٍ من مواعيد أعيادهم رغم اختلاف جنسياتهم وأجناسهم وتنوع لغاتهم وتركيباتهم وكثرة
آلهة بعضهم؟
وهل بمقدور العرب والمسلمين الاتفاق على الحد من وتشرذمهم واختلافاتهم وانقساماتهم
الفكرية والدينية والسياسية ؟ نعم وبكل تأكيد، يستطعون ذلك وأكثر، إن هم استطاعوا الإبتعاد
عن طائفيتهم الضيقة ومذهبية المتخلفة، التي تتصدر كل صغائر الأمور قبل كبائرها، والتي
تجعل الجميع ينظر إليهم على أنهم أمة لا يمكن أن توحد صففها، أو تملك مشروعاً يجمع
شعوبها تحت لواء واحد يحقق لها الأمن والاستقرار، مصداقا لقوله تعالى: ولا تكونوا كالذين
تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيان وأولئك لهم عذاب عظيم) صدق الله العظيم