عبد الواحد زيات
أخدنا ما يكفي من المسكنات ومنحناها لغيرنا
، ونقول أن ألم الصداع سيتوقف، لكنه يزيد ألما ، لأن التغيير لازال شعارا لم يجد بعد طريقه لينضج، واكتشفنا أننا
كنا مخطئين ، لأن الألم لم يأت من فراغ فهو يعطي إشارات عن وجود أسباب حقيقية لا تقبل الانتظار أو الإهمال وإنما تحتاج إلى تدخل طبيب بارع يعطي العلاج المناسب حتى بعمليات جراحية
إن تطلب الأمر ، لكن تم تأخير في موعد تدخل
الطبيب المختص لسنوات حتى تعقدت الأمور أكثر وأكثر وأصبحت الحالة مستعصية، الأمراض جميعها أضحت تسكن وتجوب هذا الجسم
الذي يسمى الوطن.
أمراض في حجم ملفات كبرى في التعليم و الصحة ، العدالة ، الاقتصاد، السياسة ، في الرياضة ، في
الطفولة والشباب و الأسرة ، في الإدارة وغيرها.
من أين ستكون البداية ؟
الإهمال عقد دور الطبيب المختص ومختصين
آخرين في العلاج هذه الإشكالات ، لأن الوقاية
لم تكون بالقدر اللازم والعلاج لم يكن في الوقت
المناسب، و لأن التعفنات زادت في عفنها يبقى السؤال ما هو السبيل لإنقاذ الحالة؟.
الطبيب استعصى عليه الأمر، وتم إدخال الحالة
إلى العناية المركزة بطاقم طبي يتابع عن كتب التفصيل الدقيقة لإعادة أمل الحياة في
العيش واستعادة نفس جديد يمنح الثقة للآخرين بأن هناك أمل في العيش في الوطن بكرامة
.
الوطن مهما كان قاسيا فيجب التميز بين أمرين الوطن ليس له مصلحة أن يفرق بين أبناءه بل هناك من أبناءه من يتلذذون
في قسوة الوطن و قسوة إخوانهم وأخواتهم، نحن
أبناء وطن واحد نريد له أن يبقى شامخا ويستعيد
عافيته لأن صحته تهمنا جميعا ، ونزيح من أمامه كل الأحجار الكبيرة و الألغام التي تريده أن يعيش على
الخطر وأن يكبو ويتعثر في حفر كثيرة حتى يضعف ونراه ضعيفا أمامنا
.
الفقر كيف نجابهه اكثر ونقلل منه؟، و الأمية
كيف نتخلص منها؟ ، و ضياع أبناءنا كيف نحميهم من الضياع؟ ،وفشل اقتصادنا كيف نعيد له
القوة؟ و كيف نجعل القانون سلاح العدل؟ وكيف نميز بين من يحبون الوطن ومن يريدون له
الخراب؟
والأزمة لا تعرف طريقا لمن يصنعون أزمة
البؤساء، فإن الوطن حضنه يتسع للجميع و الشوق يصير شحنة من الأشواق التي تحرك محبة
الوطن فينا.
إن التعفنات التي تسكن الوطن تعنينا جميعا
قد نكون صانعون لها، صامتون عليها، مشاركون مساهمون، مضطرون قد نكون معاتبون إلى متى؟
.المهم المواقف متعددة ومتنوعة، لكن ما العمل هل علينا الرجوع ان نتخلف عن موعد الطبيب
؟، لماذا تعثرنا كل هذه العثرات ألم نبالي
إننا نضع أرجلنا على مشارف الحافة . واخترنا أن نمضي دون نقف عند الجروح عند
كل الآلام ، هل هو الخوف من الطبيب ليكتشف أن المرض خطير ونحن نعلم علم اليقين انه نال من أطراف أجسادنا ؟، إن العمى أصابنا وإن كان
العميان يملكون حدسا يرشدهم إلى الطريق بتبصر
أكبر.
تعقد الوضع الاجتماعي و الاقتصادي للبلاد فضلا عن أزمة السياسة التي لم تعد قادرة على إبداع
الحلول وأخذ زمام المبادرة بل تنتظر فقط الإشارات ،التعقيد والنفور يبقى سمة تتكرر،
فقد تأخرنا في الكشف المبكر ،تأخرنا في مقابلة الطبيب، تأخرنا في القيام بالتحاليل
وشراء الدواء، تأخرنا في أخذ القرارات الحاسمة ،تأخرنا في إجراء العملية الجراحية الضرورية
اللازمة *للمصرانة الزيادة*، وبعض الأكياس الخبيثة التي تضر بأجسامنا كما تضر باقتصادنا.
وبعدلنا وبتعليمنا وبتنميتنا، لهذا الوطن مريض لأننا تأخرنا بما يكفي عن تقديم الإصلاحات
الضرورية والتأخير لازلنا نعانقه أكثر . وكل
جهة تضع الملح على جرح الأخرى لكن المريض الجريح هو الوطن . هل نسانده في لحظة المرض
أم نزيد معاناة في مرضه ؟، هل نتركه يجابه مصيره ؟ . هل نمنحه قربانا للمؤسسات دولية
كبيرة تنتظر أن يدخل إلى غرفة الإنعاش لتنقض عليه بمخالبها ويصير جريحا أكثر لأننا
اقترضنا منها كثيرا لنعالج أمراض الوطن ؟.
مناطق المرض نعرفها من تقاريرنا ومن تقارير
غيرنا ونعرفها من شدة الألم التي تأتي من أصوات الناس الذين نعرف أضرارهم
.
لذلك فالصراعات الخفية والظاهرة لن تزيد
المريض إلا مرضا، إنه يقاوم وقادر على تجاوز محنة المرض فقط علينا أن نرفع من معنويات
بعضنا البعض و نخضع الجسم إلى العلاج حتى وان تطلب الأمر أن نبتر المناطق الخبيثة من الجسد ليعيش الوطن لا أن تعيش
المناطق الخبيثة على حساب الوطن.