بقلم الأستاذ حميد طولست
طبيعي في عرفنا الإنتخابي ، كما في في جل
البلاد العربية ، أن يتوسل من هب وذب من المرشحين للمحيطين به وينزل لمستويات عامتهم
حتى اخفضهم مرتبة وأوضعهم مكانة ، من حتالة
قومه بما فيهم "ولاد الزنقة " والشمكارة
والمتسكعين والسكارى والداعرين ،الذين يقابلون إستجداءه لأصواتهم التي ينال بها مبتغاه
من المال والسلطة ، ويحصل عن طريقها على ما يريده من مناصب وجاه ، بــ الفشوش"
والممانعة ، لأنهم يعرفون أن سرعان ما سيتنكر لهم بعد الحصول على مبتغاه ، ويغيب عنهم
، ويقفل ابوابه دونهم ، ويغير سكناه وأرقام هواتفه ، حتى لا يتمكنوا من الاتصال به
.
لكنه من غير الطبيعي ولا المنطقي ، والذي
ما كنت أتصور أن يحدث بين السياسين الذين يحترمون أنفسهم وناخبيهم ، ولا يرضون أن يسلكوا
نفس القاعدة السيئة الموروثة، التي يلجأ إليها غيرهم من مرتزقة الاستوزار ، من استجداء
المناصب التنفيذية ، بالتنازل عن كرامة نخوة السياسيين ، السلوك الذي لا يشذ عنه -في
عالمنا هذا الذي إمحت منه القناعة وغمرته المصالح الدنيوية المشبعة بغريزة شبقة لحب
الحياة وما تعح به من متاع وغرور- غير سياسيي البلاد المتقدمة ، الذين قلما يلدأ الواحد
منهم لاستجداء عون أو دعم احد طلبا في الاستوزار، لأنهم هناك في الضفة الأخرى ، على
يقين تام بأن الكفاءة والتجربة والمستوى العلمي والثقافي والإلمام بأحوال الوطن والشعب
الاجتماعية والاقتصادية والحضارية والتاريخية ، هي وحدها المعيار الذي يُمكن الشخص
، أي شخص ، من تبوء منصب مهما سما ، وليس الحسب والنسب والانتماء للحزب أو العشيرة
، و"باك صاحبي" .
لاشك أن هذه الطينة من الوزراء ، هي التي
يبحث الناس عهنا وعن أمثالهن ، خدمة للمواطن ورقي الوطن ، لأنها تؤمن كلها ، أو أكثيرتها
على الأقل ، أنها إذا قدر ولم تمنح فرصة الإصلاح في منصبها الجديد –وهذا مستحيل- أو وجدت نفسها غير قادر على اداء دورها في خدمة
وطنها ومواطنيها –وهذا جد ممكن- فإنها تترك الوزارة ، بكل سهولة وتواضع ودون تردد للأكفأ
والأجدر ، الذي يستطيع تقديم خدمة أكبر وأفضل لوطنه وأبناء بلده ، لأنهم هناك أكبر
من المناصب والكراسي ، ولا يقبلون أن يكونوا على هامش المناصب ، فإما أن يكونوا وزراء ، أو لا يكونوها بالمرة ، لأن قيمة الوزير عندهم
لا يمكن تقاس الا من خلال عطاءاته المجدية ، ومواقفه الإنسانية الحقيقية التي تبقى
خالدة في ضمائر الناس ، بعيدا عن كل حسابات المصالح والكراسي والمناصب التي لا تدوم
لأحد ، والتي يتهافت عليها عامة سياسيينا لغايات
شخصية - كما شاهدنا ذلك خلال تشكيل الحكومة ، سواء مع السي بنكيران أو السي العثماني
- ما أفقد المواطن المغربي الثقة بطبقته السياسية والتنفيذيه ..
وإني هنا لا أعمم ، وذلك لأنه رغم أن الكثير
ممن استوزروا في حكومة السيد العثماني ، وما سبقها ، بطريقة " الرغيب والسعايا"غير
المشرفة ، فإنني على ثقة من وجود وزراء أخرين، بقيم أخلاقية عالية سوف ينعشون آمال
الناس ، ويبرهنون بأن الخير باق في سياسينا بقاء الليل والنهار، رغم تصدي بعض المتخلفين
لهم ، لأنهم ليسوا "لحاسي الكابا"..