adsense

/www.alqalamlhor.com

2017/02/25 - 8:44 م


دفع بي ، كغيري كثير ، خبر إصدار محكمة مايوركا ، يوم الجمعة 17 فبراير، لحكم بالسجن لست سنوات وثلاثة أشهر ونحو نصف مليون يورو غرامة مالية على أقرب المقربين للعائلة الملكية الإسبانية "إنياكي أوردانغارين" زوج الأميرة كريستينا أخت الملك فيليبي السادس ، التي لم تسلم هي الأخرى ، من غرامة مالية تفوق مائتين وستين ألف يورو ، رغم براءتها من تهمة الفساد والتهرب الضريبي التي لبست زوجها ، لمسؤوليتها المدنية في المساعدة على عمليات الغش الضريبي ..
لا أخفي القارئ الكريم أن الخبر شغل بالي ، رغم بساطته، وأجبرني على إقتراف الأسئلة المحيرة : لماذا يعدل الغرب ويساوي بين الناس في تطبيق القانون ، مع ما هم فيه من كفر أو شرك ؟ ولا تعدل الأمة  التي منّ الله عليها بدين رفَع الله فيه من شأنَ العدلِ ، وجعله سبحانه من أسمائه وصِفاته ،وكَرَمِ به الإنسانية وفرضه ميزانا منظما لتعَامُلاتِ المسلمين وعَلاقَاتِهِمْ ببعضهم ، ومتممّا للفضائِل والأَخلاق والأحكَامَ النّاظِمَة لكلِّ شؤُونِ حياتِهِمْ، وضّامِنا لتَساوِي حُقوقهم وواجِباتهم ومُستحقَّاتهم ، وحاميا لأعراضهم وأملاكهم ، ومانعا لظلم طغاتهم ، وجشع ظُلامهم ، وموفرا الأمن والأمان للضعافهم وفقرائهم، وناشرا الحب بين حاكمهم ومحكوميهم ، بدليل ما جاء في آيات قرآنه المحكمة ، الَنْاهية عَنِ الظلم والْبَغْيِ ، والمحذَّرة من مغبهما ، والمتوعدة الظالمين بالعنة وويل العقاب ، كما في قوله سبحانه: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص في الأبصار" إبراهيم: 24، وقوله تعالى: "فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم " الزخرف: 65، وقوله تعالى: "ألا لعنة الله على الظالمين "هود: 18، ومصداقا للكثير من أحاديثه صلى الله عليه وسلم التي حذر فيها من ظلمات الظلم ، التي هي من أسباب زوال أمم ، وإن كانت من أهل الإسلام، وبقاء أخرى ودوام سيطرتها رغم ما هي فيه من كفر ، لأنه كما يقال العدل أساس الملك ، و من أسباب بقاء الأمم ، وبه يقوم أمر أولئك الكفار، ويزول من كان على غير العدل، وإن كان من أهل الإسلام، والدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام ، ولأن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة ، وغير ذلك من المقولات والحكم التي تؤكد على أن العدل والمساواة بين الناس هو أساس الملك والسلطان ، التي لم أستحضر إلا عددا القليلا مما كان أساتذتنا في الإعدادي والثانوي والجامعي يرددونها على اسماعنا صباح مساء ، دون أن نجد لها أثرا على أرض لدى الكثير من الدول التي تدعي أنها إسلامية،  رغم وجود ذلك في شرعها ودينها وفيما قبله من شرائع الله، التي كَرَمِت الإنسانية بالعَدلَ وجعلته ميزاناً يُلزِمُ الجميعَ بقضاءِ ما عليهِم واستحقاقِ ما لهم دونَ تَعدٍّ ولا إفراطٍ أو تفريط.. 
من هنا يتبين من دون أي شك أو ريبة أن الأمم التي كان العدل شأنها بين الناس والمساواة ديدنها بينهم،  وان الناس عندها سواسية ،ولا يمكن أن يحاكم أحدهم فيها إلا بالتهم التابتة قانونيا ، لأن المبدأ من العدل فيها ، هو أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، وأنَّ من حقه أن يتخذ محامياً وأن تكون المحاكمة علنية ومدنية ، حتى لا يؤاخذ بالتهمة أو بالظن ويرمى في السجون ،  هي أمة جديرة بأن يدوم سلطانها وإن كانت كافرة.