adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/12/18 - 11:36 ص



بقلم الأستاذ حميد طولست

ما أغربها من أمة عربية ، وأغرب بها من أمة ، يصاب المتأمل لحال شعوبها ، المهتم بهموم مجتمعاتها ، بقدر كبير من الذهول ، وتضيع خيوط عقله في زحمة غيوم التوتر الخانقة المخيمة على أجوائها المزدحمة بالظواهر السلبية ، التي أضحى المرء لا يتحمل إستعراضية وطأة قبحها الفاضح ، الذي تفرض تساؤلات عديدة تقلق الكثير ممن فطن لخطورتها ، وتأرق كل من حاول  سبر أغوارها أو إيجاد أجوبة منطقية لمسببات كثرة النكبات التي ترزح تحت ثقلها الهادرة لطاقاتها ، والمبعثرة لإمكانياتها ، والمشتتة لمجهوداتها ، صورة درامية لاتخلو من سخرية ، أن لا يكون توحد هذه الأمة ذات الإلاه الواحد والنبي الواحد والكتاب الواحد ، إلا مجرد قناعات مؤقتة تفرضها قضايا وأحداث سخيفة وهامشية كحجاب المرأة ورضاعة الكبير وتفخيد الرضيعة في فتاوى القرضاوية والحويني ، في الوقت الذي تعجز فيه وتتكاسل عن هزم قابلية التشتت والتصدع، وتضارب التوجهات، وتنافر الرغبات ، وتفاقم التفرق بينها في كل شيء وفي كل مجال.
حتى أن المناسبة العظيمة لمولده صلى الله عليه وسلم ، تأتي كل عام ، لتجد أمور الأمة لم تتغير، وأن ثقافة الهزيمة لازالت شائعة في أرجائها، ومتحكمة في مواطنيها ، بل زادت حدة ضعفها وتفرق أهلها ، ومذلة أناسها ، ومرارة إحباط رجالها ، وضجر إنسانها ، وصار لكل فريق منها شمسه ، ولكل جماعة عيد لمقدساتها في زمن ذاعت فيه وسائل الإتصال الرقمية اللاغية للفواصل الزمانية والمكانية ، الهادمة للحواجز الثقافية والعرقية ، بقدرات الأنترنيت والفضائيات المخترقة للحدود والأسوار والخصوصيات .
فكيف لأمة أن ترسم بشائر تقدمها و إزدهارها وهي عاجزة عن توحيد موعد عيد نبيها قدوتها ونبراسها الذي ينبغي أن يوقظ فيهم صحوة التوحد ، ويشعل جدوة معانقة التآخي ، فالأمة مطالبة الآن وأكثر من أي وقت مضى بأن تدخل التاريخ بالتوحد الحقيقي الواقعي ، ليس بالدعاء الذي لا يصنع النصر كما يقولون ، ولأن العالم لا يعترف بالكيانات الضعيفة المشتتة .

لقد آن الأوان لأمتنا إن هي أرادت أن تضمن كرامتها واحترامها وتواجدها ، وترأب صدعها ، أن توطد العزم بكل عناد وصدق وإرادة على لم شملها وجمع طاقاتها المشتتة ، وامكانياتها المهدورة ، وجهودها المبعثرة ، وأن يكون عيد المولد النبوي المبارك فرصة تدشين إنطلاقة جديدة واعدة لبعث الأمل ، وتعزيز حظوظ التحالف والإلتآم ، وتجاوز ثقافة الهزيمة والشك في الانعثاق والتحرر، الذي يفرضه صراع الخفي الذي ظاهره مذهبي وباطنه زعامي ...