أحدث معارض سوري
حالة طوارئ بالتلفزيون الحكومي الجزائري، إثر هجوم "شرس" شنه على النظام
الجزائري الذي وصفه بـ"المجرم"، وعلى وزير خارجية الجزائر رمضان لعمامرة؛
الذي قال عنه إنه "مرتزق".
واستضاف برنامج
"في دائرة الضوء"، الذي بثه التلفزيون الحكومي الجزائري، الأربعاء، المعارض
السوري بسام جعارة، للمشاركة في برنامج مخصص للوضع في حلب السورية، لكن معدي البرنامج
ومذيعه كريم بوسالم، لم يكونوا على دراية بأن ضيفهم سيفاجئهم بهجوم شرس على النظام
الجزائري، بسبب موقفه من القضية السورية، والوضع بحلب تحديدا.
ولسوء حظ البرنامج
ومعديه، فإن الحلقة المخصصة لمناقشة الوضع في حلب، جاء يوما واحدا فقط من تصريح مثير
للعمامرة، بعد سيطرة قوات النظام السوري المدعومة من الروس والإيرانيين، على مدينة
حلب، حيث قال لعمامرة ردا على سؤال صحفي خلال مؤتمر حول "السلم في أفريقيا"
عُقد في وهران، غرب الجزائر، الثلاثاء الماضي، إن "ما حدث في سوريا هو أن الدولة
السورية استطاعت أن تسترجع سيادتها وسيطرتها على مدينة حلب".
وتابع الوزير الجزائري
قائلا: "هناك من كان يحلم بانتصار الإرهاب في حلب وفي أماكن أخرى، أما وقد فشل
الإرهاب فهم يظنون أنه يمكن أن ينجح في الجزائر".
واتهم جعارة الوزير
لعمامرة بأنه "وصف أهالي حلب بالإرهابيين"، وتابع: "لما كنت أستمع لتقريركم
هيئ لي أني أستمع لتلفزيون الدنيا التابع للنظام السوري"، مضيفا: "أعتقد
أن قناة إسرائيلية حتى، لا يمكنها أن تصف أهل حلب بالإرهابيين".
ولوحظ وقع الصدمة
على مقدم البرنامج، كريم بوسالم، وهو الوحيد بالتلفزيون الجزائري الذي يدير برامج تخص
الشأن الدولي، وخاطب ضيفه بلهجة شديدة: "لا أقبل أن تتهجم على النظام الجزائري،
ووزير خارجيتنا لم يقل ذلك إطلاقا، وأرفض أن تكيل اتهامات لا أساس لها من الصحة".
وقال بوسالم أيضا: "لا أقبل أن تحرف تصريح لعمامرة، ولا أقبل أن تقول إن هذا التقرير
منحاز".
لكن بسام جعارة
قاطعه قائلا: "السلطة في الجزائر قدمت النفط للنظام السوري، وصوّتت لصالحه في
مجلس الأمن". وختم بأن "السلطة في الجزائر تؤيّد القاتل بشار الأسد"،
مضيفا: "وزيركم للخارجية مرتزق".
ويعتقد موسى ناجي،
مدير مركز البحوث والدراسات الاستشرافية بالجزائر أن "ما حدث باستديو التلفزيون
الجزائري، الأربعاء، يعد بمثابة إخلال بالموقف الرسمي الجزائري من القضية السورية".
وتابع :
"في العادة يجري انتقاء الضيوف بدقة. لست أدري من اقترح اسم بسام جعارة، هذا انفلات،
حتى وإن كنت أميل إلى موقفه، لكنه لا يحق تشبيهه التقرير المذاع بالبرنامج بتقرير إسرائيلي".
وتعد هذه الواقعة،
سابقة في تاريخ التلفزيون الجزائري، حيث يُعرف عن معدي برامجه التدقيق التشديد في انتقاء
الضيوف، وعدم السقوط بفخ ضيوف لا تنسجم أفكارهم ومواقفهم مع مواقف النظام الجزائري
بخصوص القضايا والملفات الإقليمية، خاصة إذا تعلق الأمر بحساسية القضية السورية.
وهذه المرة الأولى
التي يصف فيها مسؤول بالحكومة الجزائرية الفصائل المعارضة لبشار الأسد بالإرهابيين،
وهو وصف أثار سخط قطاع واسع من الجزائريين، تم التعبير عنه خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي،
بالقول إن "موقف بسام جعارة يكتسي الكثير من الصدقية".
ويرى جلال بوعاتي،
الإعلامي الجزائري المهتم بالشأن السوري، أن "حيثيات ما حدث تشير إلى أن هناك
نوايا حسنة في استضافة المعارض السوري، لكن مثل هذه السقطات تنذر بإجراءات تأديبية
لمن وقف وراءها، خاصة وأن التلفزيون الرسمي ليس معتادا على فسح المجال أمام الآراء
المخالفة إلا في حدود معينة، مع إلزامية عدم التشخيص والتجريح بالأشخاص".
وحسب مصدر مسؤول
بالتلفزيون الحكومي الجزائري، رفض ذكر اسمه، أن "تحقيقا بالحادثة فتح على أعلى
مستوى لمعرفة حيثيات ما حصل وتحديد المسؤوليات، ومن ثمة تسليط عقوبات على المسؤول المباشر
عن هذه السقطة الخطيرة".
وتحاشت الأحزاب
السياسية المعروف عنها إدانتها لنظام بشار الأسد، الخوض بتصريحات لعمامرة، لكن عبد
الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم" الإسلامية المعارضة؛ أعرب عن تنديده
بتصريح الوزير، وكتب على صفحته في "فيسبوك": "الحركة لا تتفق مع الحكومة
في التعامل مع ملف سوريا المتفجَر"، فالجزائر، بحسب مقري، "لم تقم بما يجب
لنجدة الشعب السوري، ولم تندد بجرائم الأسد".
ويعيب مقري على
الحكومة أيضا أنها استقبلت مسؤولين بالنظام السوري، وأنها "سكتت عن تدخل روسيا
وإيران في الشأن السوري، خلافا لسياسة الدولة الجزائرية ذاتها التي ترفض التدخل الأجنبي
من كل الأطراف"، وفق تعبير مقري.
المصدر العربي 21