بقلم الأستاذ حميد طولست
في المرحلة الدقيقة التي يقود فيها الملك
محمد السادس فتوحات دبلوماسية داخل إفريقيا للعودة إلى الأسرة الإفريقية ، وخلال الجولات المكوكية التي يقوم بها شرق القارة
السمراء و غربها، لدك حصون الأعداء، لوحظ ، سجل المتتبعون للشأن السياسي في البلاد
، بكل الأسف، غياب الأحزاب المغربية عن هذه المعركة التاريخية، منشغلين عنها ، بمعاركهم
الانتهازية والوصولية من أجل اقتسام المناصب والدرجات الحكومية ولو على حساب الكرامة
، تاركين الملك وحده في ساحة الحرب، و كأن الأمر لا يهم السادة قادة وزعماء وسياسيي
الأحزاب ، الذين ، ربما ، لم يستوعبوا دقة المرحلة التي يمر بها المغرب، وخطورتها وشديدتها وحساسيتها ، سواء على
المستوى الدخلي أو القاري و الدولي، والتي لا تستحمل أي مماطل أو تسويف أو تهاون ،
لتعلقها بالقضية الوطنية الأولى، والهاجس الأكبر لكل مغربي محب لوطنه معتز بانتمائه
إليه وبحمله لجيناته ، والمفتخر بملكه الذي لا يدخر جهدا ولا يستسلم ولا يخنع ولا يركع
ويقاوم ويواجه بصلابة ، ضد كل الدول المناوئة للمغرب والتي صعدت في الآونة الأخيرة
، محاولات عرقلتها للقرار الملكي بالعودة إلى الإتحاد الإفريقي، والذي ظلت جل الأحزاب
غائبة عنه ، الأمر الذي جعل الملك يوجه لها خطابا تاريخيا من داكار ، لتنبيهها لما
هي فيه من مهاترات وإبتزازات تقسيم الغنيمة وإرضاء الرغبات والنزوات ، بدل الحرص على
تكوين حكومة جادة ومسؤولة قادرة على مواجهة المعركة المصيرية التي يخوضها جلالته في
إفريقيا ، الأمر الذي لم يحدث ، مع الأسف ،
فصدق فيها التعبير العربي "لا حياة لمن تنادي " الذي يُستعمل للدلالة
على أن الشخص الذي يُوجه له النداء ، لا يُعير الموضوع أي اهتمام ، ولا تصدر منه تجاهه
أية ردة فعل ، لأن الأمر غير مهم بالسبة له ؛ والذي اعتاد العرب على استعماله للتعبير
عن السخط الحاصل تجاه من لا يهتم بأمر ما كما يجب ، والتي تقال كذلك في مواقف كثيرة
من "التمياك". وقد قال الشاعر، وأظنه رفاعة بن رافع الطهطاوي:
وحاشا أن أقول مقال غيري... وذلك ضد سري
واعتقادي
لقد
أسمعت لو ناديت حيــا ... لكن لا حياة لمن
تنـــــادي