adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/11/20 - 12:19 م


بقلم الأستاذ حميد طولست

من وحي كوب 22 مراكش.
البيئة ملك جماعيّ، لا تملّك فيه ولا أثرة ولا إيثار، كما يقال، والثابت أنّه لا أحد يمكن أن يكون بمنجاً عن أضرارها إن أسيئ استغلالها ، ولم يُحسن الحفاظ عليها والاعتناء بها ، ولكلّ ياحمل تبعات نتائج تضرّرِها ، سواء التي تظهر في الحين ، أو على المدى القريب ، أو المدى البعيد والطويل ؛ والحفاظ عليها ليس مقصورا على أحد ولا محصور في تنظيف أماكن بعينها من البر والبحر فقط ، وإنما هو أشمل وأعم من ذلك ، وإن كان تنظيفها مهم هو الآخر ، لأن الاهتمام بالبيئة هو منظومة متكاملة، وقبل كل شيء ، هو سلوك حياة ووعي وثقافة تغرس في النفوس  لتحقق الفائدة المرجوة منها على مدى الأزمان.. وإن مجالات خدمتها بجميع مجالاتها ، كثيرة ومتنوعة، وسبل التدخل فيها متوفرة ، والمحفزات عليها كثيرة ومتعددة ، لكننا، مع الأسف الشديد، قلما نقوم بالمطلوب نحوها على الوجه الأكمل ، حتى تسلم ، ليس لنا وحسب وإنما للأجيال القادمة ، إذ أن غالبية العظمى منا لا تعيرها أي اهتمام ، ولا يثير موضوعها فيهم أي اكتراث أو مبالاة ، ربما لأننا لم ندركوا بعد أهمية ما يعنيه مصطلح البيئة ، أو ربما لأن اهتمامنا بها في المغرب ، كما في الكثير من البلدان العربية ، لازال في بداياته ، أو ربما لتقاعس – وهذا هو الأصح - مسؤولينا على الشأن البيئي ، وفي مقدمتهم الجماعات المحلية ، الحضرية منها و القروية ، التي تتأخر ، أو لا تقوم بواجبها في تنمية العمل البيئي المواطن ، ولا تحفز المواطن على الانخراط فيه ، بالوسائل والمغريات المحفزة  المناسبة التي تملكها .
وهذا لا يعنى إعفاء المواطن من مسؤولية الاهتمام ببيئته والحفاظ عليها ، فهو المعني الأول والأخير ، والمسؤولية تلبسه من رأسه إلى أخمص قدميه ، ويعتبر عدم اهتمامه عليها خيانة عظمى ، فيكون المواطن خائنا إن هو تمسك بالصمت الجبان ، والتزم الحياد المنافق، أمام ما يحدث أمام عينيه من عبث واستهتار بمقوماتها التي خص بها سبحانه وتعالى الإنسانية، كما يعد المواطن خائنا إن هو لم يغضب من أجلها ، ولم يجابه ولم يواجه أعداءها ، وخائن إن هو لم يجهر بحزنه نحو ما اعتراها من تراجع وتدهور طال الأرض والسماء وغطى كل منافذ الطبيعة ، وخائن كذلك كل من لم يثر في وجه من يعاند رغبة الله في الإبقاء على البيئة سليمة كما خلقها سبحانه صحية نافعة ، لتستمتع بها كافة مخلوقاته ، نعم كلنا خونة نحو بيئتنا ، لأننا نتكل على الظروف والصدف لمواجهة ما تتعرض له من مستحدثات المخاطر ، وما يداهمها من مستجدات شرور وأخطار التعدي،  وندفن رؤوسنا في الرمل كالنعامة وندعو بأدعية رعناء مستنسخة محفوظة ظهر قلب : الله يسلك ، الله يحفظ !! ، وما تحمله من تزكية للأوضاع رغم فسادها .