بقلم الأستاذ حميد طولست
ليس هناك من بين بني البشر الأسوياء ، من
يقبل أن يدفع أن أي كان ببلاده إلى التهلكة أو يسكت عمن ينشر الترهيب و التخويف ودعاوى
القتل والدم ، مهما كانت الروابط قوية والأواصر متينة ، بينه وبين المحرض على الإرهاب
، لأنه لا شيء يبرر تروع الآمنين بالذبح وتقطيع الرؤوس ، ولا شيء يسوغ الدفاع عن اقتراف
جريمته ، إلا سادية الماسونية ، وهمجية الصهيونية ، ووحشية الداعشية ، التي تحتم على كل محب لبلاده ، محترم لمقدساتها
، مقدس لإنسانها ، إطلاق صيحات الاستغاثة ، ونداءات النجدة ، وصفارات الإنذار المدوية
على مداها ، علها ترتفع عاليا فوق السبع سماوات طباقاً ، وتجتاز الكواكب ، وتخترق المجرات ، وتبلغ مسامع العروش العظيمة ، و تهز ممالك العدل
والعدالة ، فلا تبقى على حياد مما يُقترف في عالم غابت عنه الإنسانية ، وملأته الوحوش
الآدمية الداعية للقتل والفتك والتحريض على البكاء والغثيان ، باسم الرحمان الرحميم
، وباسم رسله المنزهين، وباسم عفو وتسامح وسلام دينه الحنيف الذي لا مجال فيه للعبث
بأرواح البشر وأجسادهم وحقهم في التعبير والاختلاف ..
كم اسبشر المواطن المغربي البسيط خيرا بتهديد
قيادي في حزب العدالة والتنمية بمرتبة وزير، بسجن من يضع "جيم" للارهاب ،
لكن آمله خابت حين صمت نفس القيادي حيال تطرف أحد منتسبي حزبه ، وسكت على تحريضه على
الارهاب والدعشنة التي يجرمها القانون الذي يمثله عين القيادي بصفته ممثلا للعدل والحريات
، وما فاقم خيبات أمل المواطن المقهور وزاد من خدلانه، تجند الكثير من المواقع المتعددة
العناوين ، المختلفة الألوان والأشكال والأساليب ، الموحدة الموقف والغاية والفكر، للدفاع
عن نفس الحزبي الذي سكت الوزير على جريمته ، كما فعلت إحدى الحزبيات -التي ولجت
البرلمان عن طريق الكوتا – التي إنبرت للدفاع ببسالة عن زميلها في الحزب ، مبررة رعونة
وجنون وبربرية دعوته لقطع الرؤوس وإعدام كل روح مختلفة ، بأنها مجرد "حرية تعبير"
مقدسة ، أو الاتهام بالكفر الذي جاء في صفحة أخرى لداعم آخر لنفس الحزب الذي اتهامه
أمينا عاما لحزب مغربي انتقد جزبه ، بكونه ضد الإسلام والمسلمين ، بما يحمل من معنى
تكفيره لأن الكافر هو الذي يعادي الإسلام والمسلمين ويقف ضده وضدهم ، أو كما كتب داعم
ثالث لذات التنظيم في موقعه قائلا : "بأن عبد الالاه بن كيران رضي الله عنه فاتح
للمغرب بعد بن نصير "، بما يعني في فكر الإسلام السياسي ، أن المغرب كان كافرا
وجاء بن كيران لفتحه ، ولأن الفتح لا يحيل الا على فكرة واحدة هي الفتوحات الاسلامية
لبلاد الكفر ، فلا وجود لفتوحات سياسية ولا اقتصادية ولا أخلاقية ، فقط هناك الفتوحات الإسلامية كإحالة وحيدة ممكنة
هنا بخاصيتها التكفيرية والارهابية ، وغير ذلك
من التدوينات والمقالات التي تصب كلها في تكفير الغيرم ، ما تنم على أن جل أصحابها
يشكون من قصور في تدبير الاختلاف ، ويفضح بأن في الأمر "إن" وأن للقضية مصادر
وخلفيات فكرية وثقافية وتاريخية متسمة بالعلاقة المأزومة مع الذات والآخر ، والتي توجب
على الجهات المسؤولة على أمن وسلامة المغاربة ، فتح تحقيق في الموضوع ، ليس رغبة في
الزج بأي كان في السجون ، لكن ليعلم الذين يرفضون الحق في الوجود الا لرهطهم وعشيرتهم
ولفكرهم الذي يفرضونه عنوة على غيرهم وبأساليب البربرية ، وحتى يعرف العتاة أن هناك
قانون في البلاد ، وأن الشعب المغربي لن يغفر لمن يتخلى عنه و ينحاز للداعين لقتله
، تحت أي سبب أو دريعة ، وخاصة منهم أولئك الذين أعتقد أنهم رفقاء الخنادق وحملة البنادق
في الدود عن كرامة الإنسان المغربي ، والذين توهم خطأ أنهم يمثلونه في الدفاع عن وطنه
وحقوق فقرائه ومحروميه وأيتامه وثكلاه ، فكشفت الأحداث أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم ،
ولا يدافعون إلا على مصالح رهطهم وعشيرتهم الذين حاصروا الوطن بغربائها وندمائها من
أنصاف المتعلمين ، شر بلية مجتمعنا ، الذين أعمى الله بصيرتهم قبل أن تعمى أبصارهم
، فانحدرت أخلاقهم إلى درجة أصبحوا لا يستحون ولا يخجلون من ترويج الدجل والأكاذيب
والأوهام الزائفه المزوقه بالف لون ولون ، التي يجد معها المواطن البسيط نفسه داخل
دوامة مظلمه من المغالطات ، التي لا يتبين حقيقة ملامحها المشككة في ثوابته وانحيازه
لوطنه وقيمه العليا وحقائق دينه الصحيحة الصادقة..