بقلم الأستاذ حميد طولست
والسؤال المركزي الذي يشَغَلَ بال الكثيرين
بالمغرب وخارجه، مفاده لماذا يغضب الملك محمد السادس؟؟؟ وممن يغضب الملك؟؟؟فهل يغضب الملك على الحكومة والأحزاب
السياسية وعلى البرلمانيين؟ وهل من أسباب غضبة الملك وجود لوبي أو جيوب مناهضة للتغيير
والإصلاح لازالت فاعلة ببلادنا؟ أسئلة أخرى
حاول الكثير من المحللين تجميع عناصر الإجابة عليها فلم يوفقوا كليا. لاشك أن هناك جملة من الدوافع والأحداث متداخلة
تتسبب في غضب الملك محمد السادس، يترتب عنها في الغالب الأعم إبعاد جملة من المسؤولين
الكبار، المدنيين منهم والعسكريين، لسوء تدبيرهم للمسؤوليات التي اضطلعوا بها، أو لفسادهم
الذي فاحت روائحه، والتي لا يمكن الوقوف عليها جميعها ، لأنها كثيرة جدا ، همت أكثر من مجال ، وكانت شديدة
بقدر فداحة سوء التدبير والتسيير واستشراء الفساد الذي مازال يطال الكثير من الإدارات
والمؤسسات الاجتماعية.
فكثيرة إذا هي حالات غضب الملك محمد السادس،
لكنها تنصب في مجملها على بعض القائمين على الأمور الذين يخلون بمسؤولياتهم نحو المواطنين
ولا هم يضطلعون بها كما يجب ، منها ما تابع
المغاربة كل حيثياته ومنها ما ظل غائبا عن الأنظار لكن تجلت نتائجه بفعل قرارات أو
إجراءات أتخذت في حق المتهاونين في اداء واجب نحو الوطن والمواطنين، ودلت كلها عن عدم
رضا الملك على هذه الجهة أو تلك، أو غضبه على هذا المسؤول أو ذاك بما فيهم المقربون
مطبقا قاعدة ثابتة أن لا أحد من المقربين إليه محصن من العزل أو بعيد عن الغضب أو يمكنه
الإفلات من القانون ، إدا تهاون في خدمة الشعب.
وتبقى قضية خيرية عين الشق بالدار البيضاء
أخطر النوازل التي أثارت غضب الملك الشديد لحظة اكتشافه للواقع المزري الذي يعيشه نزلاؤها،
حيث أمر على الفور بفتح تحقيق ومعاقبة المتورطين. وتأتي فضيحة الشبكة المتخصصة في الاتجار
في الهبات الملكية والتي كشف عنها بالصدفة إمام مسجد بمدينة فاس حين ذكر جلالته بما
وعده به، معززة بفضيحة شبكة مفبركي ملفات طالبي
لاكريمات الممتدة من الحاج زامبيا إلى أقرب مساعدي الملك. لتزيل الحجاب على أن هناك
مؤامرات نصب واحتيال تشبك خيوطها ليلا نهارا ، وتمارس بإحكام تام ومتقن مستفيدة من
الهبات والمشاريع التي يعمل ملك البلاد جاهدا على انجازها لصالح شعبه ، وبمناسبة حالات
غضب الملك بسبب جملة من الحوادث والنوازل المتكررة، برز من جديد سؤال مركزي شَغَلَ
بال الكثيرين بالمغرب وخارجه، مفاده من يقف في وجه الإصلاح الذي أقره ملك البلاد محمد
السادس ؟ ومن يخشى الإصلاح؟ ويعاكس مجرى التغيير الذي طالما انتظره المغاربة ويعرقل
المبادرات الملكية الساعية للتغيير في جملة من المجالات؟ وتأثيره على مسيرة التغيير
التي يقودها الملك حاليا؟ والتي يعاند تفعيلها والوقوف في وجه ترسيخ مسيرتها تلك القطط
السمان التي لا تتقن سوى تقبيل الأيدي ولغة "مسيح الكابا" ، والتي تثير عضبات
ملكنا ، والتي حان تغييرها بجيل من ذوي الارادات الصادقة والعزائم القوية وحازمي البطون
الذين يحبون المغرب وملكه .