adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/07/29 - 8:17 م



بقلم الأستاذ حميد طولست
لا يخفى على أي كان أن الفضائح تشكل مدخلا للإصلاح ، بما لها من قدرة فائقة في تشكيل الرأي العام وتعبئته وتحويله إلى قوة ضاغطة ، وآلية للمحاسبة والمراقبة ، حين تجد في من هم في السلطة، الشهامة والوطنية والجرأة والشجاعة الكافية للتضحية والإشتشهاد في سبيل الوطن ، كما أكد كبيرهم عبد الإله بنكيران بأنه مستعد للشهادة في سبيل هذا الوطن ، أما إذا انتفت تلك الصفات في من تولوا مسؤولية تدبير شأن البلاد والعباد ، فلا شك أن الرأي العام سيبحث له عن قنوات أخرى لتصريف الغضب ، والتي قد لا تكون بطرق غير سلمية  وتؤدي إلى ما لا تحمد عقباه ، لا قدر الله ، كم كانت المفجأة قوية على الشعب المغربي برمته، مسيسيه والذين لا يفقهون في السياسة ، أمام موقف عدم تحرك رئيس الحكومة القاضي بعدم التدخل لمحاسبة المسؤولين في ما عرف بفضيحة (تجزئة خُدام الدولة)، واختياره  الصمت حيالها ، وإلزام اتباعه  به عدم الخوض ، وهو المعروف بميله إلى الاستفاظة في الكلام في معارضيه ومنتقديه من السياسيين والصحفيين وجميع المواطنين العاديين، الكلام الذي يصل في بعضه حد السب والشتم والقذف وحشيان المعاني لكل من خالفه الرأي والتوجه .
ورغم ما للكلمة الطيبة من أصل ثابت وفروع في السماء ، فإن الصمت يبقى الأفضل إذا استعمل في موضعه الصحيح ، وفي الوقت الذي لا يستحق فيه الأمر للكلام ، أو في حال لا يُستطاع فيه التعبير بالكلام ، فيتحول ساعتها إلى رسالة بليغة تُدرك هيْبتها جيداً حين يتمكن المرء من إيصال ما يريده للطرف الآخر، أما إذا وقع الصمت في غير مكانه ، فيصبح مستفزا ، ومحيّرا ، ومثيرا للفضول ، وينشأ عنه ما لا يكون متوقعا ، لأن الصمت عن الكثير من القضايا ليس سياسة ، كما يقال الصمت في مواجهة الشرّ، هو شر بحد ذاته ، والصامت عنها وفيها شيطان أخرس
من حق بنكيران كأمين عام لحزب العدالة والتنمية  ، أن يؤثر الصمت على الكلام ، في هذا الموضوع أو غيره ، ومن حقه كذلك أن يأمر أتباعه بعدم الخوض فيه - كما فعل مع شبيبة حزبه التي خاطبها في أكادير  قائلا : "خصكم تفهموا أنه كاين في السياسة لغة الكلام وحتى لغة الصمت"، قبل أن يردف: "ماشي دائما ضروري الإنسان يتكلم.. حتى إذا سكت ففي ذلك إشارة بليغة" - لكن ليس من حقه كرئيس الحكومة أن يرفض التعاطي مع قضية استأثرت باهتمام وتدخلات الكثير من السياسيين والإعلاميين داخل البلاد وخارجها ، لأن مسؤولية المنصب تنيط به دستوريا رئاسة الإدارة وتفعيل الوسائل القانونية والتنظيمية الموضوعة رهن إشارته، من اجل البحث في ملابسات هذا الموضوع (تجزئة خُدام الدولة) المثار وتصحيح الاختلالات حين وقوعها، وترتيب الآثار القانونية اللازمة،   وتحتم عليه الحضور والحديث في الموضوع لتنوير الرأي العام بشأنها بصفته رئيسا للحكومة، الذي صوت عليه المغاربة للتكلم في مثل هذه المواضيع الخطيرة ، وليس السكوت فيها وعنها ، لا يهمهم في ذلط المزايدات السياسية ، ولا من له المصلحة في تسريب وثائقها  ، ولا الظرفية التي سربت فيها، بقدر ما يهمهم الحرص على ثروات بلادهم ، والمطالبة  بتدبير مالها العام وتوضيفه في ما يخدم الصالح العام ، والقطع مع استنزافه
وأختم بالمقولة الشهيرة : الخزي والعار على الذين يصرخوا في وجه الضعفاء ، ويخافون الصراخ في وجه الأقوياء!