adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/07/01 - 3:53 م


منتدى سايس
فطومة الحلالي الفاعلة الجمعوية ورئيسة جمعية رجال ونساء في خجمة المجامع ،  من النساء المغربيات المتميزات، استطاعت منذ زمن ، أن تجعل اسمها غنيا بوفرة نضالاتها المتنوعة ، السياسية والنقابية والاجتماعية ، وبحوضرها الكثيف في كل مشارب العمل الجمعوي والخيري المنفتح على القضايا المجتمعية ، وبقتاليتها وتحديها  لأنواء التراجع والتخلف المجتمعي ، وبعملها المتواتر المجتهد في مواجهة تحديات التراجع الثقافي، وانحدار مستوى السعادة لدى الفئات الميتضعفة المغتصبة الإنسانية ،
ومع كل هذا وذاك ، نجد أنه لا يعيبها ألا يعرف - من هم خارج محيطها - لا من هي ومن تكون وأي شيئ تقوم به ؟ وأمر طبيعي جدا ألا يعرف شكلها او يحفظ اسمها البعيدون عن ميدان اشتغالها ، لأنها بكل بساطة ليست نجمة تطاردها كامرات الاعلام وصحافته ، الأمر الذي لم يمنع جريدتنا "منتدى سايس " من التوقف أمامها بمنتهى الاعتزاز والاحترام والتقدير ، لمحاورتها ، والتعرف على بعض من آرائها ، التي قد يرى البعض أن حفاوة جريدتنا بها ، هو أمر خاص بجريدتنا وحدها ولا يليق أن نشغل به القاراء ، فنرد بأنها لم تستحقت اهتماتمنا لأنها امرأة سياسية تدير حزبا أو حكومة ، أو فنانة أو رياضية أو سيدة أعمال ، وإنما لكونها امرأة عاشقة للعمل الجمعوي الذي لها فيه حكايات جميلة فيها الكثير من الحب والعناد والجرأة والمغامرة والخيال والجنون بفعل العمل الجمعوي وفعل الخير الذي حولها إلى حضن كبير يستوعب عذابات المغبونين ، ويوزع الفرحة على الفقراء والمحرومين الذين كرس لهم وقتها وممتلكاتها وما تبقى من قدراتها المقاتلة ،  في عالم بلا قلب ، عالم فقد إنسانيته .
وإليكم الحوار الذي دار بيني وبين هذه السيدة المتميزة التي أرى أنه أقل ما يمكن فعله لتكريمها ، هو أن ونتخلى عن أنانيتنا وننحني احتراما لها ونستمع لحديثها علنا نتعلم من تجاربها  دروسا في التطوع والإنسانية ..
 س الحاجة فطومة : ما هو في نظرك مفهوم العمل الجمعوي الخيري التطوعي؟
ج : العمل الجمعوي الخيري التكوعي ، هو كأي نضال أو كفاح آخر،  من يختاره ، يسخر نفسه له عن طواعية ودون إكراه أو ضغوط خارجية وهو إيمان واعتقاد ، حينما يستغرق القلب ، يتحرك من فوره لكي يحقق ذاته في مساعدة ومؤازرة الآخرين والبر بهم ، كما حث على ذلك نبينا  صلى الله عليه وسلم حين قال: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال الى الله عز وجل  سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة او تقضي عنه دينا او تطرد عنه جوعا ، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا "، وهو مكون أساسي لبناء المجتمعات الصالحة ، يكمل العمل الحكومي ويدعمه لصالح المجتمع ، ويزيد من لحمة المتطوعين وتماسكهم ، وهو مؤشر مهم للحكم على مدى تقدم الشعوب والمجتمعات ، والدلالة على حيويتها وإيجابيتها، وإبراز صورتها الإنسانية المجردة من الصراع الشخصي والمنافسة الأنانية ، وهو بصمة الوجود التي يتغلب بها المتطوع على عجزه الإنساني، وظروف واقعه القاسية، ليثبت لنفسه، قبل غيره، بأنه كفؤ فيما اختاره من تطوع يحقق به الارتقاء بالروح والعقل لدرجة الخلود وصناعة الأمل، وليؤكد به على أنه ليس هملا ولا زائدا على هذه الدنيا وبلا هوية ولا حب ولا وطن ولا حرية وكما قال محمود درويش "  وأن له صوتا مسموعا كغيره يستطيع به المشاركة في تغيير واقعه الحياتي وبالتالي في تغيير محيطه الصغير، ومنهما وطنه كله.
لذلك فأنا أقوم بذلك لأني أجد متعة عارمة ، تفوق عندي كل متع الحياة ، وذلك لأني حين أتطوع فإني أستمتع بفعلي لذاته ، وليس للوصول إلى مراتب مادية معينة ، أو للحصول على علامة شرف محددة ، بقدر ما هو محاولة حضور وصناعة خلود، كما جاء في القول السائر "اليد تفنى ويبقى فعلهـا ، فإنْ فعلت خيراً ستُجزى بمثله ، وإنْ فعلت شرّاً عليها حسابُه" وكما قال الأديب التشيكي ياروسلاف سايفرت: " ربما هو تعبير عن الرغبة الكامنة في كل إنسان في أن يخلف وراءه أثرا"، ولعل جميع المتطوعين وبدون استثناء يريدون أن يخلفوا بعملهم الجمعوي في مجتمعهم أثرا طيبا مقابل لحظات السعادة التي ينتشون بها خلال القيام بعمل الخير ، واجزم بالقول بأه أفضل عبادة يمكن أن يقدمها الإنسان لربه ..
س : ما هي معوقات العمل التطوعي ، والعقبات التي تحد من فاعلية تحقيق مراميه ؟.
ج: تختلف المجتمعات فيما بينها حول درجة تشجيعها للأعمال التطوعية الإبداعية، فكلما كانت الاستجابات المجتمعية أكثر نضجاً وتأثيراً ومرونة، كلما زادت حدة الإحساس بالمتعة الذاتية، والعكس صحيح إلى حدٍ بعيد، ومن الطبيعي أن تتعرض كل أعمال الانسان ومن بينها التطوعية والمتطوعين ، إلى الكثير من المشاكل والإحباطات من طرف المحتكرين لكل شيء ، الذين لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل، على أي كان.
هذا بشكل عام ، أما فيما يخص محتمعنا ، وحسب تجربتي المتواضعة في مجال العمل الجمعوي ، فإن أخطر المعوقات التي تعيق أي عمل جمعوي ، هو قلة الوعي المجتمعي بأهمية العمل الجمعوي التطوعي وأهدافه ، وتدني ثقافة التطوع بشكل كبير ، حيث يعتقد المواطن المغربي أن التطوع مضيعة للوقت والجهد ، وأنه غير ملزم به شخصيا ، ما يؤدي إلى عزوف الكثيرين عنه ، ويفتح الباب للمرتزقة لذين يتخذون منه مطية لتحقيق الأغراض الأنانية والاستفادة الشخصية المادية ، الأمر الذي يتعارض كلية وطبيعة العمل الجمعوي المبني على المجانية ، من أجل رقي الوطن ولوجه الله ، ومن هنا جاء تكالب الأعداد الهائلة من الجهلة ، ولا أقصد هنا بالجهلة أولئك الذين لم يلتحقوا بالمدارس قط ، ولكن أقصد المتعلمين ومن يسمون أنفسهم مثقفين ، الذين يلجون ميادين العمل الجمعوي ، لتمرير أجنداتهم السياسية المختبئة تحت عباءة التطوعي..
س: ما هي المقومات الأساسية التي يحتاجها العمل التطوعي ليكون ناجاحا.
ج : لابد لأي عمل تطوعي من مقومات وأسباب تؤدي به نحو النجاح، وأولها معالجة المعوقات السالفة الذكر التي تعد من العوامل الهامة التي لا تساعد على  إنجاحه ، وتمع بث روح التطوع في أبناء المجتمع ،
وثانية تليين العلاقة بين المتطوعين والإدارة وموظفيها الرسميين بالتقليل من القيود التي تحد من نشاط وفاعلية العمل الجمعوي حد التحجر والتحجم.
س:  تظهر من نظرات الكثير ممن يحيطون بك ، الكثير من التساؤلات الحائرة من قبيل : "آ شدا  هذه المرا  لشي عمل جمعوي" ؟ وما غايتها من كل ذاك الجهد الهرقلي ؟ وما فائدته على المجتمع؟
ج: ــــ حذاري من الحكم على الناس من مظاهرهم ، فالمظاهر خداعة كما يقول في الفرنسيون في أمثالهم : les apparences sont trompeuses ، فأحيانا كثيرة يكون أقوى الناس هو أكثرهم حساسية ، وأن من يعتمد على لسانه وسرعة رده  هو الأضعف ، وأن الضحك ملء الشفاه ليس ذليلا على السعادة ، ولا العبوس دلالة على المرارة والألم ، ولا الدموع الحائرة في العيون  ، دلالة على الحزن ، وانه في أحيان كثيرة تكون الدموع هي أكبر دلالة على الفرح ..
كما تعلم الأستاذ حميد بأن كل من يظهر الطيبة ، ويعتاد على الإهتمام بغيره وتقديم الخدمات لهم ، هو أول من تساء معاملته ومن أقرب الناس إليه ، ويتم تجاهله  وعدم السؤال عنه ، وكأنه الأقدر على الاهتمام بنفسه والعناية به ، ورغم  ذلك فأنا أقوم بالعمل الجمعوي الخيري الذي أعشق ، ايمانا مني بأنه رسالة دينية وطنية واحتماعية وأنه علي أن أسعى للقيام بها ، دون المبالاة لما يدور حولي من انتقاد أو سخرية بهدف احباطي أو النيل من عزيمتي ، ولا أختلق الأعذار والمبررات للتهرب من واجب العمل الجمعوي ، لأن الأناني وحده من يقوم بذلك ، وهو يعلم أن الأعذار لا تعفيه من القيام بواجباته نحو مجتمعه ، فهم يريدون مني التوقف عن عمل الخير أو تأجيله ؟ فمن منهم يضمن لي الغد ؟ فلنصنع الخير اليوم بقدر ما نستطيع ، فقد لا نكون غدا على قيد الحياة.
س : الحاجة فطومة ، يعيش المجتمع المغربي لحظة تاريخية فارقة في وجوده، كناشطة جمعوية كيف تقرئين هذا الوضع؟ وهل ما يزال للحب والأمل والطفولة والابتسامة مكان في هذا الزمن
ج : من موقعي كإنسانة وجمعوية حتى النخاع ، لاأزال أعول على الوعي الإنساني المغربي ، وأنتظر لحظة صحو تبدو بعيدة الحدوث لمجتمعنا الذي نخرتها الصراعات السياسية الدينية والطائفية ، وأنتظر نهوض ذلك الوعي لدى النخب المثقفة الشجاعة على ندرتها، والتي بوسعها التأثير ببطء والعمل بدأب على تحريك الكتلة الاجتماعية وإيقاظها وإعادة الاعتبار لمفهوم المواطنة والسعي لإعادة هيبة العمل الجمعوي السليم ، الذي صادرته السلطات والأحزاب لصالح طروحاتها النكوصية ، ولاستقطاب الحشود عن طريق عن طريق الريع الترهيب والترغيب وتحويلها الجموع إلى قطعان راضخة. ما زلت أؤمن بسحر الحب وقيمة الأمل وتحدي الخلل بقوة الروح والزهد في المغانم الرخيصة والتنافسية على حساب القيم الإنسانية السامية الأساسية.
حاورها الأستاذ حميد طولست