فجرت زوجة رجل متوفى نازلة “نوعية”، بكشفها
ل”هبة بريس” أن دورية راكبة تابعة للمصالح الأمنية بالجديدة، انتقلت مؤخرا إلى محل
إقامتها الكائن بزنقة سعيد حجي، بتجزئة الحراز في عاصمة دكالة. حيث طلب منها شرطي بالزي
المدني تبليغ زوجها بضرورة الالتحاق بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة،
للاستماع إليه علاقة بشكاية كان تقدم بها.
وعلى إثر ما سمعت أذناها، شدت الأرملة أنفاسها..
قبل أن ترد على مخاطبها أن زوجها “عظامو رشاو في القبر !”. وقتها طلب منها الشرطي الالتحاق،
في اليوم الموالي، بمقر أمن الجديدة، وأن تأتي بشهادة وفاة زوجها.
الأرملة (سعاد ب.)، أم لصغيرين، أدلت ل”هبة
بريس” بنسخة الوفاة، تفيد أن زوجها المسمى قيد حياته (محمد م.)، قضى نحبه في ال29 غشت
2013. وحسب تصريحها، فإن زوجها قد يكون تقدم، قبل سنتين عن تاريخ وفاته، إلى الجهة
المختصة، بشكاية جنحية في مواجهة أحد الأشخاص.
وهكذا، فإن شكاية الزوج المتوفى، يكون مر
عليها أزيد من 4 سنوات. ما يعني أن الأفعال الجنحية التي استندت إليها في الموضوع،
أصبحت مشمولة بأمد التقادم (la prescription)، الذي حددته المادتين 4 و5 من قانون المسطرة الجنائية في 4 سنوات.
هذا، فإذا كان قانون المسطرة الجنائية نص
في مادته 4، على أن الدعوى العمومية تسقط إما بموت الشخص المتابع أو بالتقادم، فإن
شكاية المشتكي المتوفى (محمد م.) تطرح إشكالا قانونيا، لم يرد في قانون المسطرة الجنائية
الذي تم تعديله. فالمشرع الجنائي لم يستحضر ولم يتطرق إلى مثل حالة المشتكي الذي قضى
نحبه، قبل الإدلاء بتصريحاته أمام الضابطة القضائية، وقبل إنجاز المسطرة القضائية المرجعية.
إن الثابت في حالة المشتكي المتوفى (محمد
م.)، أن النيابة العامة المختصة لم تتخذ أي قرار بتحريك الدعوى العمومية، أو بعدم تحريكها
(حفظها)، في غياب المسطرة القضائية المرجعية،
التي كان من المفترض والمفروض أن تنجزها الضابطة القضائية لدى أمن الجديدة، داخل الآجال
المحددة، حتى لا تصبح الأفعال المنسوبة للطرف المشتكى به، مشمولة بالتقادم القانوني.
وعليه، فإن نازلة المشتكي الهالك، التي
لم ترق إلى مسطرة قضائية، وإلى دعوى عمومية، وبقيت محصورة في شكاية، تكون سقطت حتما
بوفاة المشتكي. كما أن الأفعال الجنحية المضمنة في الشكاية المرجعية، والتي استندت
إليها، كانت ستسقط بدورها حتما بسبب التقادم. ومن ثمة، فإن الدعوى المدنية التي كانت
ستصاحب الدعوى العمومية، والتي كانت ستترتب عنها، والتي نصت عليها مقتضيات المادة
7 من قانون المسطرة الجنائية، لم يعد قيامها ممكنا. وهكذا، ضاعت المصالح والحقوق الجنائية
والمدنية التي تخص الطرف المشتكي المتوفى، ومصالح وحقوق ذويه ومن لهم الصفة والحق.
هذا، فإن المادة 21 من قانون المسطرية الجنائية
نصت على أن ضباط الشرطة القضائية يتلقون الشكايات والوشايات ويجرون الأبحاث التمهيدية
بشأنها. كما أن الضابطة القضائية وضباط الشرطة القضائية، بما فيهم رئيس الأمن الإقليمي
(بصفته ضابطا للشرطة القضائية)، والأعمال والإجراءات التي يقومون بها، يقعون، وفق مقتضيات
القانون الجنائي، تحت سلطة الوكيل العام للملك في دائرة نفوذ محكمة الاستئناف، باعتباره
ضابطا ساميا للشرطة القضائية، ورئيسا للضابطة القضائية ولضباط الشرطة القضائية. ناهيك
عن كونهم يقعون تحت مراقبة الجهات القضائية المختصة، والمراقبة الإدارية التي تباشرها
المديرية العامة للأمن الوطني، من خلال هياكلها المديرية الخاصة، وفي طليعتها لجن التفتيش
المركزية، التابعة للمفتشية العامة.
وبالمناسبة، فإن تحرك الضابطة القضائية
لدى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، علاقة بشكاية المشتكي المتوفى
(محمد م.)، والتي ظلت تراوح مكانها في رفوف المحفوظات بأمن الجديدة (الأرشيف)، يكون
جاء مباشرة بعد منشور الوكيل العام لدى استئنافية
الجديدة، تحت عدد: 121/16، بتاريخ 14/03/2016، الذي وافى به المسؤول الأول عن القضاء
الواقف، رئيس الأمن الإقليمي للجديدة. منشور يدعو الضابطة القضائية إلى التعجيل بإنجاز
المساطر القضائية، في إطار الأبحاث التي تجريها ، حتى يتسنى للنيابة العامة المختصة
دراسة الملفات داخل آجال معقولة، واتخاذ ما يلزم بشأنها قانونا من قرارات تحريك الدعوى
العمومية أو حفظ الشكاية. وحدد منشور الوكيل
العام آجال إنجاز المساطر القضائية في 15 يوما، بالنسبة للتعليمات النيابية، و3 أشهر
بالنسبة للشكايات التي يتقدم بها مباشرة المواطنون إلى الضابطة القضائية.
هبة بريس