adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/05/30 - 10:56 ص


أحمد مصباح 
تابع "المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان" بقلق شديد قضية المواطن المغربي (المصطفى ح.)، الذي أوقفته الشرطة بأزمور، بسبب لقب "المعاشي" نسبة إلى منطقة "المعاشات" التي يتحدر منها والده. حيث أنكر جملة وتفصيلا خلال جميع مراحل البحث، وعند التقديم، في غياب حالة التلبس ووسائل الإثبات وشهود عيان، التهمة الموجهة إليه، والتي تتمثل في "ترويج مخدري الكيف والشيرا والتبغ المهرب". وقد تابعه وكيل الملك بابتدائية الجديدة من أجل المنسوب إليه، في حالة اعتقال، نظرا لخطورة الفعل"، وفق مقتضيات الفصلين 1 و2 من ظهير 21 ماي 1974.
مساطر مرجعية:
أحالت الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، بمقتضى المسطرة عدد: 372/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 10 ماي 2016، مواطنا يدعى (المصطفى ح.)، في حالة اعتقال، على وكيل الملك بابتدائية الجديدة، من أجل "ترويج مخدري الكيف والشيرا والتبغ المهرب". وهي المسطرة المرجعية التي أنجزتها الضابطة القضائية، في إطار البحث التمهيدي، طبقا للتعليمات النيابية. كما استندت إلى 6 مساطر مرجعية أنجزتها الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، تحت عدد: 757/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 23/11/2015، وعدد: 761/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 23/11/2015، وعدد: 770/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 25/11/2015، وعدد: 834/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 12/12/2015، وعدد: 836/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 13/12/2015، وعدد: 29/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 12/01/2016. حيث إن 3 من هذه المساطر المرجعية، أنجزها ضابط الشرطة القضائية (م. أ.).
وكانت الضابطة القضائية أحالت بمقتضى المساطر التلبسية المرجعية، على النيابة العامة المختصة، 6 أشخاص من أجل "حيازة واستهلاك مسحوق الكيف ومخدر الشيرا والتبغ المهرب". ويتوفر بالمناسبة جميع هؤلاء الأشخاص الموقوفين على عناوين سكنى قارة، 5 منهم يقيمون في مدينة أزمور.
تصريحات متضاربة:
بالتوقف عند المساطر المرجعية، فإن الضابطة القضائية أشارت إلى أن شخصين ضمن الموقوفين الستة، أدليا بأوصاف مزودهما (المرجع: الصفحة الأولى من المسطرة عدد: 757/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 23/11/2015، والصفحة الأولى من المسطرة عدد: 761/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 23/11/2015). فيما أدلى الأشخاص الأربعة الموقوفين الآخرين، ب"اسم" مزودهم، وبأوصافه، كما يتضح من باقي المساطر المرجعية الأربعة.
هذا، فإن ثمة فرقا شاسعا بين ما جاء في المساطر القضائية الأربعة (الصفحات الأولى)، التي أشارت بصريح العبارة إلى أن الأشخاص الأربعة الموقوفين أدلوا ب"اسم" مزودهم بالمواد المحظورة، وما جاء في محاضر الاستماع القانونية التي أدلى فيها الأشخاص الموقوفون ب"لقب" مزودهم، وليس ب"اسمه". فشتانا بين الاسم (nom/identité)، وبين "اللقب" (surnom/alias).
مذكرات بحث مستنسخة:
حرر ضباط الشرطة القضائية الذين أنجزوا المساطر المرجعية الستة، مذكرات بحث وتوقيف في حق الملقب ب(المعاشي). مذكرات يبدو أنها صيغت واستنسخت، باستثناء بعض المراجع الخاصة (تاريخ إصدارها وعددها..)، ومعطيات جد محدودة، بتقنية (كوبيي/كولي)، كما يظهر جليا من المذكرات التالية: مذكرة البحث بتاريخ: 23/11/2015، علاقة بالمسطرة عدد: 757/ج. ج./ش. ق.، ومذكرة البحث عدد: 442 /ش. ق./2015، علاقة بالمسطرة عدد: 761/ج. ج./ش. ق.، ومذكرة البحث عدد: 652/ش. ق./2015، بتاريخ: 25/11/2015، علاقة بالمسطرة عدد: 770/ج. ج./ش. ق.، ومذكرة البحث عدد: 522/ش. ق./2015، بتاريخ: 13/12/2015، علاقة بالمسطرة عدد: 836/ج. ج./ش. ق. وهذه المذكرات، ثلاثة منها (3) حررها الضابط (م. أ.)، الذي أنجز المساطر القضائية المرجعية الثلاثة المتعلقة بها.
تضارب في الأوصاف :
والمثير في أوصاف المزود المزعوم (المعاشي)، التي أدلى بها الأشخاص الموقوفون للضابطة القضائية، والمضمنة في المساطر المرجعية، والتي استندت إليها الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، أنها جاءت متضاربة. فمنهم من صرح أنه طويل القامة، ومنهم من قال أنه متوسط القامة.. وحتى أن ثمة تباينا شاسعا في تقدير عمره ما بين 32 سنة و45 سنة و46 سنة و52 سنة..
مساطر مبتورة:
لم تتضمن المساطر المرجعية الستة التي أنجزتها الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، خلال الفترة الممتدة من 23 نونبر 2015، وإلى غاية 12 يناير 2016 (في ظرف 50 يوما)، أية إشارة دقيقة لا إلى الوقت أو التوقيت الذي اقتنوا فيه المخدرات من الملقب ب"المعاشي"، ولا بشكل دقيق المكان الذي اشتروها منه. واكتفت الضابطة القضائية بالإشارة، على حد تصريحات المستهلكين الموقوفين، فيما يخص الوقت ب"الأمس"، وفيما يخص المكان، بمناطق غير محددة (منطقة... ضواحي..)
كما جاءت تلك المساطر المرجعية خالية، باستثناء محضر الإيقاف والحجز، من الإجراءات التي نصت عليها مقتضيات قانون المسطرة الجنائية (محاضر البحث والانتقال والتحري..)، والتي كان من شأنها أن تفيد البحث القضائي الجاري تحت إشراف النيابة العامة المختصة. ما كان سيسفر حتما، لو أن الضابطة فعلت هذه الإجراءات المسطرية، عن إيقاف المزود الذي أدلى مستهلكو المخدرات الموقوفون بلقبه وأوصافه.
هذا، وكان يتعين على الضابطة القضائية، في إطار البحث والتحري، الانتقال وقتها، بمعية الأشخاص الستة الموقوفين، وإن اقتضى الحال، بمؤازرة عناصر من المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، إلى الأماكن التي ادعوا أنهم اقتنوا منها المخدرات (منطقة اثنين اشتوكة – منطقة سيدي علي بضواحي أزمور – منطقة العصرية بضواحي أزمور)، الكائنة بتراب دائرة أزمور، بمنطقة النفوذ الترابي والأمني للفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور.
تناقض في المسطرة:
أشارت الضابطة القضائية في الصفحة الأولى من المسطرة عدد: 836/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 13/12/2015، أن المدعو (التباري س.)، الموقوف من أجل السكر العلني البين وحيازة واستهلاك مسحوق الكيف الممزوج بالتبغ، "ليست له سوابق قضائية". بيد أن الأخير صرح، بشكل فيه تناقض صارخ، في محضر استماعه القانوني حول سوابقه العدلية، بما يلي: "سبق وأن قدمت إلى العدالة من قبل وقد قضيت عقوبات سالبة للحرية".
وقائع النازلة:
حسب المسطرة القضائية عدد: 372/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 10 ماي 2016، سيما محضر الإيقاف، فإن مفتش الشرطة الممتاز (ع. ب)، رئيس فرقة الأبحاث والتدخلات لدى الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور، انتقل بصفته الضبطية، في إطار البحث التمهيدي، على الساعة ال7 من مساء الأحد 8 ماي 2016، بمعية شرطيين برتبة مقدم، إلى مقهى بأزمور، في أعقاب تلقي معلومة مفادها أن بداخله شخصا يدعى (المعاشي)، مدرج في قائمة الأشخاص المبحوث عنهم من طرف الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، "من أجل الاتجار في مخدري الكيف والشيرا والتبغ المهرب".
وفرض المتدخلون الأمنيون عملية حراسة ومراقبة في محيط المقهى المستهدف، بقيت سلبية. وواصلوا التحريات داخل المقهى. حيث أثار انتباههم، حسب محضر الإيقاف، شخصا تنطبق عليه الأوصاف المضمنة في المساطر ومذكرات البحث المرجعية، والتي يبقى الشخص المستهدف لتوه بالتدخل الأمني، مبحوثا عنه بموجبها. وبناءا عليه، تقدم منه رجال الأمن وأدلوا له بصفتهم والغرض من حضورهم. حيث استفسروه عن هويته. فامتثل المعني بالأمر، وأطلعهم عن حويته: (المصطفى ح.)، مغربي الجنسية، مزداد باثنين اشتوكة بإقليم الجديدة، وعمره 54 سنة، متزوج وأب ل4 أبناء، ويقطن بمعية أسرته في عنون قار بمدينة أزمور. وقد سلمهم بطاقة تعريفه الوطنية. كما أطلعهم، بعد استفساره في الموضوع، أنه معروف في منطقة اثنين اشتوكة بلقب (المعاشي)، نسبة إلى منطقة "المعاشات" التي يتحدر منها والده. وأضاف أن العديد من الأشخاص في المنطقة، يحملون هذا اللقب، لقب.
غياب حالة التلبس:
أخضع ضابط الشرطة القضائية داخل المقهى المواطن (المصطفى ح.) لجس وقائي، لم يسفر عن العثور بحوزته على أي شيء يفيد التدخل الأمني. ومن ثمة، عمد إلى اقتياده إلى المصلحة الشرطية، للبحث معه، بعد إطلاعه على فحوى القضية التي تورط فيها، والتي كان البحث جاريا في حقه من أجلها، والمتمثلة في "ترويج مخدري الكيف والشيرا والتبغ المهرب".
تنقيط سلبي:
قامت الضابطة القضائية بتنقيط (المصطفى ج.) على الناظمة الإلكترونية. وجاءت النتيجة سلبية. وعند تنقيطه على مستوى المحفوظات المحلية بمفوضية أزمور (الأرشيف)، تبين أنه تنطبق عليه أوصاف الملقب ب"المعاشي"، المبحوث عنه من قبل الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور. من أجل "الاتجار في مخدري الكيف والشيرا والتبغ المهرب"، بموجب المساطر القضائية المرجعية الستة.
وهنا لا بد من التعقيب. فالأوصاف التي أدلى بها الأشخاص الستة الموقوفون، جاءت متضاربة. فمنهم من صرح أنه طويل القامة، ومنهم من قال أنه متوسط القامة.. وحتى أن ثمة هوة عميقة في تقدير عمره ما بين 32 سنة و45 سنة و46 سنة و52 سنة..
الإنكار وسلبية البحث:
عند إخضاعه للبحث والاستنطاق، أنكر (المصطفى ح.) جملة وتفصيلا التهمة المنسوبة إليه، وكونه يتعاطى للاتجار في المخدرات. وعن مصدر رزقه وعيش أسرته التي تتكون من زوجة و4 أبناء، أفاد أنه يشتري الخضر من الضيعات الفلاحية، ويعيد بيعها بالجملة في الأسواق. كما أن له دكانا لبيع الخضر في مدينة أزمور، التي يقطن فيها، منذ 28 سنة. وأفاد كذلك أن سجله العدلي خال من أية سابقة قضائية، ولم يسبق أن قضى أية عقوبة سالبة للحرية.
وبتعليمات من النيابة العامة المختصة، ممثلة في الأستاذ سعيد بوطويل، أجرت الضابطة القضائية تفتيشا، بحضور (المصطفى ح.)، هم منزله في مدينة أزمور. وجاءت "سلبية" نتيجة هذا التفتيش المباغت، والذي لم يكن لأسرته مسبقا علم به.
وبالرجوع إلى المصلحة الأمنية، احتفظت الضابطة القضائية ب(المصطفى ح.) في مكتب الديمومة، إلى حدود الساعة ال11 و15 دقيقة ليلا، أي مدة 4 ساعات و15 دقيقة، قبل وضعه رهن الحراسة النظرية، لمواصلة البحث القضائي، كما هو مسطر في الإجراء المسطري المرجعي.
وربط ضابط الشرطة القضائية (ع. ب.)، المكلف بالبحث، الاتصال هاتفيا بالفرقة الترابية للدرك الملكي باثنين اشتوكة، بشأن (المصطفى ح.). وأفاد أن الأخير يتحدر من دوار تابع لجماعة اثنين اشتوكة، لكنه لا ولم يشكل موضوع أية مذكرة بحث لدى مصالحه الدركية.
وبغاية الحصول على معلومة قد توصل إلى الاهتداء إلى محل ثان يشغله (المصطفى ح.)، في حال توفره، أجرت الضابطة القضائية بحثا سريا في المقهى الذي اعتاد (المصطفى ح.) التردد عليه بأزمور. لكن النتيجة جاءت كذلك سلبية.
الحراسة النظرية:
إثر الاتصال بممثل النيابة العامة المختصة، وإطلاعه على نتائج البحث، وضعت الضابطة القضائية، تنفيذا للتعليمات النيابية، (المصطفى ح.) تحت تدابير الحراسة النظرية، ابتداء من ال11 و15 دقيقة من ليلة الأحد 8 ماي 2016، وإلى غاية ال10 من صباح الثلاثاء 10 ماي 2016.
عيوب مسطرية:
جاءت المسطرة المرجعية عدد: 372/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 10 ماي 2016، خالية من الإجراءات ومحاضر العرض والتعرف والمواجهة.. التي نص عليها قانون المسطرة الجنائية.
وكان يتعين على الضابطة القضائية استدعاء الأشخاص الستة الموقوفين سابقا، في إطار المساطر المشار إليها في المراجع أعلاه، سيما أنهم ذوو عناوين سكنى قارة، و5 منهم يسكنون في مدينة أزمور، من أجل عرض الملقب ب"المعاشي" عليهم، للتعرف عليه. وهو الإجراء المسطري الجوهري الذي كان سيكون حاسما فيما كان سيتم اتخاذه لاحقا من إجراءات مسطرية وقضائية، تكون مبررة من الوجهتين الواقعية والقانونية.. سيما فيما يخص قرارات وضع (المصطفى ح.) تحت تدابير الحراسة النظرية، أو رفعها عنه، أو إحالته في حالة اعتقال أو سراح، أو تحريك الدعوى العمومية، والمتابعة في حالة اعتقال أو سراح مؤقت، أو حفظ الشكاية المرجعية، أو إحالتها على قاضي التحقيق الجنحي. كما أن ذلك الإجراء كان من شأنه أن يكون حاسما في المحاكمة أمام الغرفة الجنحية، وإصدار الحكم بالإدانة أو البراءة.
تناقضات مسطرية مثيرة:
ليس ثمة ضمن مستندات المسطرة المرجعية التي أنجزتها الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور، والتي أوقفت بموجبها الملقب (المعاشي) وأحالته على النيابة العامة، ما يفيد أنها أصدرت مذكرة إيقاف البحث في حق الأخير (cessation de recherche)، لإرسالها على التوالي إلى مصلحة المحفوظات المحلية بمفوضية أزمور، والنيابة العامة بابتدائية الجديدة.
ومن جهة أخرى، أنجزت الضابطة القضائية بمقتضى البحث التمهيدي، المسطرة عدد: 372/ج. ج./ش. ق.، بتاريخ: 10 ماي 2016. وأحالت بموجبها، في حالة اعتقال، المواطن (المصطفى ح.)، على النيابة العامة المختصة. وجاء في الصفحة الأولى من المسطرة المرجعية، ما يلي: "علاقة بما جاء في الموضوع والمرجع أعلاه، لي الشرف أن أحيل عليكم هذا الإجراء المسطري الذي بموجبه أقدم أمامكم الآتي ذكر هويته: (المصطفى ح.)".
وفي الصفحة الثانية من المسطرة المرجعية ذاتها، جاء ما يلي: "استرسالا في البحث، تم الاستماع إلى الماثل أمامكم ضمن محضر قانوني، أكد بالفعل أنه معروف تحت لقب "المعاشي" لدى معارفه بمنطقة اثنين هشتوكة.. وبخصوص القضية موضوع البحث، فقد نفى نفيا قاطعا تعاطيه لترويج المخدرات، وأن مصدر رزقه ينحصر في شراء الخضر من الضيعات الفلاحية، وإعادة بيعها بالجملة بالأسواق".
وجاء بشكل فيه تناقض صارخ، في الصفحة الثانية من المسطرة المرجعية ذاتها، التي أنجزها ضابط الشرطة القضائية (ع. ب.)، المكلف بالبحث القضائي الذي تم بموجبه وضع المواطن (المصطفى ح.) تحت تدابير الحراسة النظرية، وتابعته النيابة العامة في حالة اعتقال، (جاء) في الخطاب الموجه إلى وكيل الملك، ما يلي: "هذا وتجدر الإشارة إلى أن هذه المصلحة (الفرقة المحلية للشرطة القضائية بأزمور) سيبقى بحثها جاريا إلى حين إيقاف المروج الملقب "المعاشي". ومتى تم إيقافه، سيتم تقديمه أمام نيابتكم بموجب مسطري لاحق".
التقديم والمتابعة:
بتاريخ: 10 ماي 2016، أحالت الضابطة القضائية على النيابة العامة المختصة، ممثلة في نائب وكيل الملك الأستاذ حسن القاسمي، المواطن (المصطفى ح.) الموقوف على ذمة القضية. وأنكر المنسوب إليه، طبقا لمحضر الاستنطاق المتعلق بتطبيق مسطرة التلبس بالجريمة (المواد 47 و73 و74 و385 من قانون المسطرة الجنائية). وتابعه من ثمة ممثل النيابة العامة وفق مقتضيات الفصلين 1 و2 من ظهير 21 ماي 1974، من أجل "ترويج المخدرات، في حالة اعتقال نظرا لخطورة الفعل".
البراءة التامة:
مثل (المصطفى ح.)، المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي، الثلاثاء 24 ماي 2016، أمام الغرفة الجنحية بابتدائية الجديدة. واستمعت الهيئة القضائية إلى 4 شهود من بين الأشخاص الستة الموقوفين سابقا في إطار المساطر المشار إليها في المراجع أعلاه. ونفوا جميعا أية معرفة لهم بالمتهم. وتقدم تبعا لذلك دفاع الأخير بملتمس يقضي بتمتيع موكله بالسراح المؤقت. وهو الملتمس الذي لم تستجب له هيئة الحكم، التي أجلت البث في الملف الجنحي إلى جلسة الخميس 26 ماي 2016، والتي حضرها شاهد خامس، نفى بدوره أية معرفة له بالمتهم، على غرار الشاهد السادس الذي تعذر حضور، وتقدم بالتالي إلى المحكمة بإشهاد مصادق عليه.
وهكذا، وجراء تقييد حرية المتهم، حوالي 3 أسابيع رهن الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي في السجن المحلي بالجديدة، برأت المحكمة ذمته من الفعل الجرمي من العيار الثقيل المنسوب إليه، وذلك استنادا إلى شهادات شهود النفي، الأشخاص الستة الموقوفين سابقا في إطار المساطر المرجعية التي أنجزتها الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية أزمور.
الواقع.. والمساطر:
انتقلت  جريدة السبت الماضي، إلى مدينة أزمور، حيث التقت بالمواطن (المصطفى ح.)، المفرج عنه من السجن، حيث كان قبع خلف القضبان، بسبب لقب "المعاشي"، الذي ورثه عن والده. وكانت المفاجأة أكبر مما يمكن أن يتصوره العقل. فالمواصفات المضمنة في المساطر القضائية ومذكرات البحث المشار إليها في المراجع أعلاه، لا تنطبق البتة لا من قريب ولا من بعيد على (المصطفى ح.)، ذي البنية الجسمانية "الدكالية" القوية (حوالي 90 كيلوغرام)، وليس ذي بنية نحيفة (...)، كما أجمعت أوصاف 4 من ضباط الشرطة القضائية.
وأفاد (المصطفى ح.) أنه يقطن في مدينة أزمور، منذ 28 سنة، قضى منها 24 سنة في عنوان قار دون تغييره. واستغرب كون جل رجال الأمن الوطني بمفوضية أزمور، من مختلف الهيئات والرتب، بما فيهم مقدمي الشرطة اللذين كانا ضمن الفريق الأمني الذي أوقفه، الأحد 8 ماي 2016، من داخل المقهى بأزمور، يعرفونه حق المعرفة، ويترددون على دكانه في أزمور، للتبضع بالخضر. فلو كان فعلا يتعاطي لترويج المخدرات في أزمور، المدينة الصغيرة والمحدودة ترابيا وعمرانيا وسكانيا، لكان لهم (لرجال الشرطة) علم بذلك، ولكانوا أوقفوه متلبسا بالحيازة والترويج..!!
مس بالحريات وحقوق الإنسان:
إن تعميق الأبحاث والتحريات مع صغار تجار المخدرات والمستهلكين الذين يتم إيقافهم، يجب أن يكشف عن هويات مزوديهم وكبار المروجين، وتفادي الإشارة إليهم في محاضر الاستماع القانونية والمساطر المرجعية، بعبارة "من مصدر مجهول"، أو بملامح وأوصاف فضفاضة أو بألقاب من قبيل المدعو "ولد خديجة"، أو "البيضاوي" أو "الرباطي" أو "العبدي".. ألقاب قد يحملها الآلاف من الأشخاص، بسبب انتماءاتهم إلى القبيلة أو المنطقة أو المدينة (..) .. وذلك حتى لا يظل المجرمون الحقيقيون، لسبب أو آخر، يمارسون نشاطاتهم المحظورة في معاقلهم الآمنة، وبعيدين من أن تطالهم يد العدالة..
والأخطر أنه قد يتم إيقاف مواطنين أبرياء لا علاقة لهم بالجريمة أو بالمخدرات، إما بسبب ورود أسمائهم في مساطر مرجعية ومذكرات بحث محلية أو برقيات وطنية، تصدر بشكل كيدي وبنية الانتقام وتصفية حسابات، جراء التحريض أو التلميح للمصرحين من المجرمين وتجار المخدرات الموقوفين، بذكر أسماء وأشخاص مستهدفين، أو بسبب تضمين مذكرات البحث بيانات غير دقيقة، أو هويات غير محددة أو ألقاب فضفاضة، أو بسبب تطابق وتشابه في الألقاب، وفي الأوصاف التي لا يمكن حتى أن تساعد على رسم صور تقريبية (portraits robots). وحتى أنه أحيانا ما يكون التطابق والتشابه بين شخصين في الهوية (الاسم الشخصي والعائلي). ما قد يترتب عنه مس جسيم بالحريات وحقوق الإنسان.
ظرفية حساسة:
دعا "المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان" الدوائر العليا ووزارة العدل والحريات والمديرية العامة للأمن الوطني، إلى فتح بحث في قضية المواطن (المصطفى ح.) الذي يحمل الجنسية المغربية، ويبقى من رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس. هذه القضية التي أصبحت بامتياز قضية حقوقية وقضية الرأي العام، لكونها تهم حقوق الإنسان والحريات.. أسمى الحقوق الكونية.