adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/05/22 - 11:32 م



بقلم الأستاذ حميد طولست
تسييس الجماعات المحلية لفريضة الحج والعمرة !!
غريب أمر قوافل المعتمرين من أهل الثقة ومحظيي موظفي الجماعات المحلية ، الحضرية منها والقروية، والموالين من المنتخبين ، الذين يتوجهون إلى بيت الله الحرام ، على نفقة ميزانيات الجماعات المقتطعة من جيوب فقرائها والمحتاجين بدوائرها.
والأغرب منه تردد الكثيرين منهم مرات ومرات على الديار المقدسة ، حتّى غدى ذلك أسهل لدى بعضهم من زيارة تفقدية للإطلاع على أحوال ومشاكل الأحياء التي يمثلون ساكنتها ، والتي هي أقرب إليهم من مكّة المكرمة ، والوصول إليها أقلّ تكلفة بكثير مما يكلّفه الحج أو العمرة ، وأكثر أجرًا وثوابًا منهما ، لما فيه من ثواب تحمل أمانة المسؤولية وأجر القيام بالواجب ، اللذان أمر الله سبحانه وتعالى بأدائهما حتى يشمل خيرهما الأرض والبشر.. أمّا غيرهما من العبادات كالصلاة والصوم والعمرة والحج على أهميتها ، فلا تقدم إلا نفعا فرديا يعود على من يمارسها -إذا خلصت نيته وصدق إيمانه وسلم دينه- دون أن يشمل غيره .
لا شك أن ظاهرة كثرة المعتمرين والحجاج على نفقة الجماعات المحلية ، هي ظاهرة غير طبيعية ومقلقة بكل المقاييس ، وخاصة  حين تصل لدى بعض رؤسائها ، إلى درجة التسيب في التعامل مع منح الحج وإكراميات العمرة ، التي سقطت في هوة إرضاء نزعات الطمع وحب الإستحواذ والسيطرة النرجسية ، ونحت نحو العاطفية والفئوية والتحزبية ، وتحولت إلى العبث بمقدرات البلاد وأموالها العامة، وكأنها إرث شخصي ، يـُنعمون به على من يـُريدون لتمثين الولاءات ، وينفقون منه على المتنفذين لتوفير الحماية والاستمرارية في المنصب ، ويمنعونه عن المعارضين لإرغامهم على الخضوع والتبعية ؛ والأكثر إزعاجا في الظاهرة ، هو صمت المجتمع المدني حيالها ، وغفلة الصحافة عنها ، وتراجع الدولة ، أو على اقل تقدير، "إسترخاؤها" في تطبيق القانون في نوازلها ، وسكوت الأحزاب السياسية عنها ، وهم يعرفون جميعهم بأنها مؤامرة سياسية ممنهجة ، متخفية تحت عباءة الدين ، تستحوذ عليها نزعات الطمع وحب السيطرة والنرجسية ، وتخوض في المال العام ، بالتبذير فيما لا يرضي الخالق والمخلوق ، وأنه من الخطأ تركها تتمدد في أوصال الجماعات المحلية بلا رقيب ودون تصد لمضارها في وقت تعيش تلك الجماعات أوضاعا كارتية ، تستلزم حسن تدبير الموارد لمواجهة البؤس والفقر الذي يضرب كل مرافقها ، وحتى تبقى الأموال العامة سليمة ، يمكن الانتفاع بها إلى أقصى حد في إنشاء وتحسين وترميم المرافق العامة التي تمتلكها الأمة كلها ، من طرقات ، وحدائق ، ومدارس ، وجامعات ، ومستشفيات ، ويشعر المواطن  بملكيته لها ؛ لأنها أقيمت بأموال الأمة ، التي هو جزء منها .
ما يجعلني أعتقد أنه لا حاجة بنا لهذا السخاء الحاتمي ، المتمثل في منح الحج واكراميات العمرة التي توزعها الجماعات ، والذي هو في حقيقته –كما سبق أن ذكرت- صرف للأموال العامة فيما لا فائدة فيه ، وتذبير سيء لأوضاع المواطنين .
أتمنى ألا يُفهم من مقالتي هذه ، أنني ضد شريعة الحج أو العمرة  ، وأتهم بتأييد بتسييس فريضة حج بيت الله الحرام كما فعلت إيران، بدعوى أن الحج یصبح غیر واجب ، إذا لم يصن للحجاج الإيرانيين العزة والكرامة ،  حسب تصريح المرجع الديني الإيراني، "آية الله ناصر مكارم شيرازي" ، والمرجع الدیني "آیة الله حسین نوري همداني ، فيجب أن يعلم القارء الكريم أن مشاعري نحو الحج والعمرة ، تهتز كباقي المسلمين ، وتتحرك نحوهما عواطفي ، وأرغب كأغلبية المؤمنين الصادقين ، في أن أجد نفسي يوما في رحاب ذاك المقام المقدس "بيت الله الحرام" - محرما مع المحرمين ، طائفا ساعيا بين الصفا والمروة مع الطائفين الساعين ، واقفا بجبل عرفات مع الواقفين الملبين الطائعين -على نفقتي الخاصة ، لأن الحج واجب على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر، لقوله تعالى : "ولله على الناس حج البيت من استطاع* إليه سبيلا ، وقوله صلى الله عليه وسلم : "بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا..
هوامش ــــ*الاستطاعة : هي أن يكون المسلم صحيح البدن ، يملك من المواصلات ما يصل به إلى مكة حسب حاله ، ويملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً زائداً على نفقات من تلزمه نفقته .