adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/03/21 - 11:06 ص



بقلم الأستاذ رحميد طولست
التكريم مظهر حضاري ، يعكس مبدأ التقارب والتآلف والمودة بين الناس، يُشعر المُكرم بالأهمية والتعاطف من قبل محبيه ومحيطه ومجتمعه ، ويولد لديه الثقة العالية بنفسه ، ويدفع به للإبداع والتميز والجودة والإتقان ، وقد حرصت عليه المؤسسات الرسمية والجمعيات المدنية في البلدان المتقدمة التي تحترم نفسها  وتقدر مواطنيها، وترجمته للاحتفاء والاهتمام بمن يستحق الاحتفاء ، حيث كانت تمنحهم الدروع التذكارية والشهادات التقديرية والهدايا الرمزية ، و حتى المبالغ النقدية والعينية ، تكريما لهم على عمل من الأعمالهم المثمرة ، إذ ليس هناك أبلغ من التكريم كوسيلة فعالة لكسب رضا الناس وحبهم ، يلبي رغبة نفسية دائمة ، وحاجة روحية مستمرة ، لا يعرف الاكتفاء أبدا ، ويطلب المزيد المستمر من غداء الروح ، الذي يبقى أثره طويلا ، بعكس الغذاء الجسدي، الذي سرعان ما يصل إلى الاكتفاء ، كالعطشان مثلاً الذي ينتهي عطشه بمجرد تناوله الماء ، ولا يمكنه شرب المزيد ، كما الجائع الذي يصاب بالتخمة إذا أفرط في الأكل ، أما الرغبة الروحية في التكريم ، فلا تتوقف عن طلب المزيد ، ولا تصاب بتخمة ، مهما بُولغ  في التكريم .
مناسبة هذه المقدمة ، هي تلك المبادرة الطيبة ، التي أقدمت عليها " صحيفة الفكر ، الندية الكف ، السخية العطاء ، التي تستحق التثمين والتقدير والاحترام ، والتي تفضلت خلالها بتكريم الابداعات الفكرية والثقافية الراقية ، في شخص المساهمين المتألقين في ملف "يوم المرأة العالمي 2016 " الذي سهرت على إعداده الشاعرة والاعلامية الرائعة اروى الشريف ، التي فاح عطر إنسانيتها من صفحات المجلة، يسعد أرواح كتابها وقراءها والمتصفحين ، والتي نقدم لها ولرئيس تحريرها الاستاذ المحترم "جلال جاف" بجزيل الشكر والامتنان والتقدير على هذا التكريم المدعم والمحفيزين على بذل المزيد من الجهد والعطاء في مجال البحث والكتابة والفكر وتعزيز اسس المحبة والسلام والتسامح في العالم عامة والمجتمع العربي على وجه الخصوص ، ليلحق بالمجتمعات المتقدمة ، التي أتذكر جيدا أني كلما زرت بعضها - وخاصة منها فرنسا ومدينة باريس بالضبط -إلا وصادفت تظاهرات تقام هنا وهناك ، للاحتفاء وتكريم مبدعيها في مختلف المجالات ، حيث كنت كلما فتحت صحيفة من صحف تلك البلدان -والباريسية على وجه الخصوص - أومجلة من مجلاتها المتنوعة المجانية منها والمؤدى عنها، إلا وأثار انتباهي العدد الهائب من العناوين المنشورة على صفحاتها الأولى وبالبنط العريض ، تاني تعلن عن افتتاح تظاهرات ومعارض فكرية وثقافية ، ومواعيد احتفالات فنية تكريمية لأدباء وفنانين فرنسيين ، وعالمبين ، بمناسبة حلول ذكرى ميلاد أحدهم ، أو وفاة آخر ، والذي كانت البلديات هي التي تقيم تلك التظاهرات في الغالب الأعم ، وعمداؤها هم من يفتتحها، ويزيلون المناديل من على النصب والتماثيل التذكارية للكاتب الفلاني أو الرسام والمسرحي العلاني، في ذكرى وفاته العشرين أو الثلاثين أو المائة وحتى الألف.
فالفرنسيون لا ينسون رجالاتهم، و يقدرونهم في مماتهم كما يحترمونهم ويهتمون بهم في حياتهم. لأن أخلاقهم لا تسمح لهم بنكران الفضل والجميل، فللمدع عندهم قدر ومقدار معتبر، والعمل الجاد بينهم لا يضيع، وإن طال الزمان وتغبرت الأيام. فالذاكرة لديهم تحفظ الود وتقدر الفضل مهما قل ، وتحتفظ للرجال مقدارهم وعزهم، لذاك وضعوا لأكثريتهم نصبا وتماثيل وأقاموا لبعضهم المعارض والمتاحف، تمجيدا لذكرهم ، وتخليدا لذكراهم.
فشكرا لصحيفة الفكر على مجهوداتها المبذولة لاسعادنا .. وتحياتي الفائقة وتقديري واحترامي لطاقمها الذي اتمنى له المزيد من التألق ..