بقلم الأستاذ حميد طولست
خلال جولتي الصباحية
المعهودة بين ركام أخبار الصحافة الورقي، والإلكترونية ، وقفت على خبر أزعجني كثيرا
مفاده أن الأحزاب السياسية المغربية تراجعت بشكل سري عن إلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين
، مطلب فئات عريضة من الشعب ؛ لم يكن سبب انزعاجي هو اعراض الحكومة عن اتخاذ أي قرار
في ذات التقاعد ، في حد ذاته ، ولا حتى بسبب صفاقة بعض الذين طالبوا بتوريثه لأبنائهم
وزوجاتهم، ليتمتعوا من بعدهم بأموال الشعب التي ائتمنوا عليها ..
لكن المزعج حقا ،
والذي ابتلع ما تبقى من صبر المواطن المغربي ، كان تعشيم الأحزاب المواطن المغربي الطيب
بالوعود الكاذبة ، التي لا يعرف الكثير منها غير الخوض في متاهاتها العرقوبية ، واطلاقها
على عواهنها دون الإكترات بالوفاء بتنفيذها ، الأمر الذي يبعث على التشكيك في مصداقية
تلك الأحزاب – المهزوزة أصلا- ويترك انطباعا سلبيا لدى المواطن ، بأنها أحزاب نفعية
، تُغلب مصالحها الحزبية الضيقة على مصلحة الوطن.
حيث أنه في الوقت الذي كان منتظرا تجاوبها مع دعوة الشعب بإلغاء تقاعد نواب
الأمة ومستشاريها والوزراء، أو اتخاذ من فرقها البرلمانية، أي مبادرة أو صيغة قانونية
تقضي بإعادة النظر في القضية تخرجه من التعتيم على الأقل ، بعد ان إتخذت شكل قضية رأي
عام ، و أضحت موضوعاً شغل بال فئات عريضة من المواطنين ، تلوكه الألسن في جميع الفضاءات،
السياسية وغير السياسية ، بين من يعتبره "ريعاً" وجب القضاء عليه ، ومن يعده
"هدرا للمال العام" لزم القضاء عليه ، ومن يحسبه "عجزا" فاضحا
في محاربة الحكومة للفساد ، أو"ضعفا" في أداء مهام رئيسها ، الذي ما فتئ
ينادي بالقضاء على الفساد .
و أثناء الانتظار
، كشفت وسائل الإعلام ، نقلا عن مصادر بعضها من داخل البرلمان، بأن موضوع تقاعد البرلمانيين
والوزراء ، -الذي تسابقت الأحزاب السياسية ،أحزاب العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة
والاستقلال والاتحاد الاشتراكي، على الظهور بمظهر المتفاعل معه ومع مطالب المواطنين
، لدغدغ عواطف المواطنين واستقطابهم للتصويت لها في تشريعيات 2016 - قد انتهى ودخل إلى ثلاجة البرلمان إلى غير رجعة،
ما يحيلنا إلى المثل الشعبي القائل : " العشق المزروب ، كله عيوب" وحتى المقترح
الوحيد الذي تقدم به فريق التقدم الديمقراطي ، التابع لحزب التقدم والاشتراكية، تم
سحبه بناء على طلب من باقي فرق الأغلبية الحكومية ، ضدا على انضمام بعض البرلمانيين
لجانب المواطنين ومطالبهم بقرار النازل عن معاشاتهم ، والمطالبة بحذف معاشات غيرهم
من البرلمانيين، واسترجاع جزء منها من الذين لديهم أكثر من دخل ، والتوجه نحو نشر لوائح
الوزراء المستفيدين من التعويضات الإضافية الخاصة بمعاشهم منذ عهد الحكومة الأولى بعد
حصول المغرب على استقلاله، إلى حكومة عبد الإله بنكيران، وإلغائها بصفة نهائية بل واسترجاع
ما حصل عليه الوزراء من المال العام ، ودعوة الأحزاب الحاكمة والحكومة للعب دورهم برصانة
وخارج أي شكل من أشكال الغوغائية والمزايدات التي لا مبررات لها.
الموقف والسلوك الشجاع
الذي أشاد به نشطاء على فيسبوك ، وطالبوا من باقي البر لمانيين الحدو حدوه ، عوض الجدل
ومناكفة المهاترات التي لا تمت إلى لياقة المثقف
أو السياسي المحنك بشيء ، خصوصًا بعد العجز الذي لحق الصندوق المغربي للتقاعد وفرض
على الحكومة إصلاحه من جيوب المواطنين، بالرفع من سن تقاعدهم بداية من مطلع 2016 ،
فيا أصحاب المعالي
البرلمانيين تعالوا إلى الميدان واطلعوا بأنفسكم على حقائق الأمور على ارض الواقع ،
فستجدون من المتقاعدين من لا يتجاوز معاشه الألف درهم ، بعد أن قضى في عمره في التغور
لحماية هذا الوطن الذي تُزدرى خيراته ..