التصاق البيوت القصديرية بعضها ببعض، إلى درجة غياب المسالك وضيقها إن وجدت، جعل من أهل الحي عائلة واحدة بكل متناقضاتها، حيث لا مجال للخصوصيات والتفرد، و انصهار الفرد داخل الجماعة، ويصبح الجميع صورة واحدة، و البحث عن التميز يقود في غالب الأحيان إلى التطرف بشتى أنواعه، إلا من رحم ربك.
بيوت قصديرية مغلفة بكل أنواع المخاطر، يسيجها الفراغ، تنعدم فيها أبسط شروط الحياة، يعيش فيها الناس على أمل في غد أفضل، هو ذا حال الحي الصفيحي الذي أكلت النيران جزء منه، فتركت أما مكلومة في مصاب ابنها، وأسر أخرى مفجوعة لفقدان مآويها وأعشاشها، التي تحميها من الحر و القر و بطش آخر النهار، وآلم من ضرر حل بقريب أو عزيز أو جار حبيب.
جريدة القلم الحر، انتقلت الى عين المكان وعاينت حجم الضرر الذي خلفته الكارثة، ففي الساعات الأولى من اليوم الجمعة 18 مارس، نشب حريق بأحد البيوت الصفيحية الجانبية لتنتقل ألسنة اللهب بعد ذلك بفعل كثرة المواد القابلة للاشتعال إلى البيوت المجاورة، لم تهدأ إلى أن أتت على حوالي 20 ''نوالة''، خلفت جروحا داخلية قبل الجروح الظاهرة التي تمثلت في حروق على مستوى الجسد، حالات منها حرجة ومن الدرجة الأولى لازالت ترقد بالمركب الاستشفائي الحسن الثاني بفاس، لم يثنيها عن الاستمرار في المزيد من الانتشار سوى الحصار الذي فرضه شباب الحي و رجال الوقاية المدنية الذين هرعوا إلى عين المكان.
أسباب الحريق مجهولة، و السكان يتحدثون عن عدة سيناريوهات، منها طيش شباب كانوا ساهرين بالبيت الذي نشبت به النيران بادئ الأمر، في الوقت الذي يذهب البعض الآخر إلى أن الحريق مدبر وبفعل فاعل، الغرض منه كما قال بعضهم إزاحة الحي الصفيحي من الوجود.
المشاكل اليومية التي يعاني منها الحي لا تعد ولا تحصى، غياب الماء و الكهرباء و قنوات الصرف الصحيي، و انتشار الصراعات الاجتماعية، بشكل دائم تتطور في غالب الأحيان إلى جرائم متفاوتة المستويات، بفعل ضغط المعيش اليومي، هكذا عبرت بعض النسوة ونحن نغادر، وأضفن أن الحي عرف مؤخرا نوعا من الاضطراب و القلق و التوتر الدائم لسكانه، بفعل الخوف من الاستيلاء على المساكن من طرف بعض الغرباء، لأن بعض الحالات وقعت، خصوصا حين انتشر خبر قرب ''إحصائنا'' من أجل الاستفادة.
سكان الحي الناجون من الكارثة، والذين أصابهم الضرر في أبنائهم أو متاعهم، يناشدون كل المعنيين بتدبير الشأن العام إلى التدخل من أجل إعادة البسمة ''للدوار'' عبر حل جذري، يتمثل في تمكينهم من الاستفادة من مساكن لائقة تشكل المنطق نحو حياة كريمة.