بقلم
الأستاذ حميد طولست
كعادتى الصباحية ، وقبل الشروع في تصميم ما سأكتب عنه ، أبدأ يومي
مبكرا بتصفح الأخبار والأحداث التى جرت في المغرب وفي بلاد الله العريضة ، ومن خلال
متابعتي لأحداث الساحة السياسية المغربية ، وجدت أنها عاشت عدد من الأحداث الهامة
والخطيرة ، التي لا يمكن إهمالها أو التغافل عنها ، لتأثيراتها البارزة على الوطن
والمواطن ، والتي استطاعت لأهميتها وخطورتها ، أن تغطي على ما يجري حولنا في
العالم ، بتصدرها واجهات الصحف الجهوية والوطنية والدولية ، وغزوها القنوات
الفضائية الوطنية والعالمية .. وأبرزها كان الحدث الخطير المتمثل في تصريحاته بان كي مون بخصوص قضية الصحراء
المغربية ، التي تجاوز بها دوره الحيادي ومهمته المعهودة ، والتي أخرجت المغاربة
للتظاهر ضده في مسيرة مليونية .
جميل جداً أن نرى المغاربة بكل شرائحهم ، معبئين و مستعدين للدفاع
عن وحدة وطنهم بالغالي والنفيس كلما أحسوا بأي مساس بسلامة وطنهم من طنجة إلى
لكويرة . لكن المستهجن وغير الجميل ، والذي يحز في النفس ، هو تقاعس بعض الأحزاب
السياسية وغيابها عن تأطير المواطنين وتنظيمهم في مثل هذه المعارك المصيرية ، حيث
سجل غياب مكشوف وفاضح للكثير من الأحزاب عن الساحة النضالية ، ومحطات التنديد..
وعلى رأسها التيار الإسلامي وحركات الإسلام السياسي الذي أخلف موعده مع لحظة
تاريخية حاسمة - كما ألف التخلف على مواعيد وطنية أخرى غيرها - إما لعدم قدرتها
على التكيف مع المستجدات الطارئة ، وإما لغياب الجرأة أو لحسابات سياسوية ضيقة ،
لن ينساها الشارع المغربي ، وسيدفعونه ثمنها طال الزمن أو قصر..
حيث أنّه لم يكن للتيارات الإسلامية والتنظيمات "الإسلام
السياسيوي" ، أي حضور وازن في التظاهر ، كالذي عهدناه فيها ومنها ،
كلما تعلق الأمر بقضايا بعيدة عن الوطن ، كالتضامن مع مرسي ومعارضي بشار وحماس .
أما مثل هذه القضية الوطنية الحساسة ، فقد قوبلت من طرف بعضها بالتجاهل
التام والمريب ، أو بالصمت المتواطئ الحقير -ولسان حالهم يقول "طوز
فيها وهيهم" المقولة المشهورة لمرشد الاخوان المسلمين لمصر- وتوزعت ردود
أفعال بعضهم الآخر بين المشاركة الباهتة المنافقة ، أو التنديد الخجول .
حقيقة لم أستطع استيعاب غياب مكون معتبر مثل فصيل الإسلاميين عن
مثل هذه المحطات النضالية المهمة في تاريخ المغرب ، وابتلاع لسانه عندما تعلق
الأمر بجريمة نكراء ارتكبت في حق الصحراء المغربية ، التي لا يجب التعامل معها
بمنطق الحزبوية الضيقة ..
وكم كانت خيبة أملي كبيرة ومرة جدا ، بسبب توانى التنظيمات
الإسلامية ، بل غياب بعضها الكلي – ما عدى الحضور الباهت لبعض الفصائل في بعض
المدن - عن معركة وطنية هزت الرأي العام المغربي ، وهي التي عودتنا ، بكل فصائلها
، على بلائها الحسن والجيد ، في حشد الأنصار ، وتهيج عواطف الناس بفتاواها التافهة
، ضد الكثير من القضايا الجانبية وغير الوطنية...
ومهما حاول البعض تبرير تعاملهم تجاه هذا الحدث اوطني، بوضع
المساحيق المزيفة لتجميل فعلهم المصلحي المرفوض ، النابع من خوفهم على مصالحهم
الاقتصادية ، فإن القضية أبانت بالمكشوف عن خلل هيكلي يؤكد عدم نضج تنظيمات
الأسلام السياسي في تدبير الأزمات الطارئة ، بسياسة صم الاذان عن نبض الشارع ،
الذي شكل جرس إنذار لكل التنظيمات السياسية الإسلامية وغيرها ، لضرورة تحمل
مسؤولياتها السياسية وخروجها من كراسي الاحتياط السياسي ، والقطع مع السياسة
السياسوية ، والكف عن اللعب على الحبلين ، واعتماد الموضوعية ، المصداقية .. لأن
قرارات ومواقف رجال السياسة تخضع عادة للمحاسبة ، خاصة عند التقصير؛ فالمسؤول
السياسي محاسب إن جانبه الصواب سواء بقصد أو غير قصد ، حيث ترتكز المحاسبة بالأساس
وفي البداية على حدوث الخطأ ، وليس على المقصد.