adsense

/www.alqalamlhor.com

2016/01/07 - 7:59 م


أمواج بشرية حجت اليوم إلى مدينة فاس، من كل معاهد التربية بالجهة، طافت شوارعها الرئيسة، ضخت فيها دماء جديدة، أنعشتها و أعادت إليها بريقها الذي كادت تفقده، مذكرة الجمهور الفاسي باحتجاجات 20 فبراير، وما عرفته من تظاهرات قوية، شاركت فيها كل فئات المجتمع مطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد.
التظاهرة تأتي في إطار البرنامج النضالي للتنسيقية الوطنية لأساتذة معاهد مهن التربية على امتداد التراب الوطني، موزعين على واحد وأربعين مركزا على الصعيد الوطني، من طنجة إلى العيون، و الذي انطلق منذ بداية الموسم الدراسي الحالي، على إثر إصدار الحكومة لمرسومين وزاريين، رأى فيهما الطلبة الأساتذة إجحافا وظلما في حقهم، فقد حج أزيد من 3000 متظاهرة ومتظاهر إلى العاصمة العلمية، طافوا شوارعها، مرددين شعارات، توزعت بين الحقوقي و النقابي والاجتماعي، مطالبين بالحرية والكرامة، و العدالة الاجتماعية، ومنددين في الآن نفسه بما اعتبروه سياسة لاشعبية تنهجها الحكومة، تتجه نجو الإجهاز على ما تبقى من مكتسبات الشعب المغربي، و ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال الخضوع الحرفي لإملاءات الدائنين.

الشعار المحوري الذي أطر التظاهرة، كان يصب في إسقاط المرسومين الذين يعتبرهما الأساتذة المتدربون مشئومين، 589-15-2 القاضي بتقليص المنحة التي يتقاضاها الأساتذة المتدربون بالمراكز من 2450 درهم شهريا إلى 1200 درهم شهريا، والثاني 588-15-2المتعلق بفصل التكوين عن التوظيف، فتمرير هذين المرسومين و بالخصوص الثاني، اعتبره كل الذين استجوبتهم جريدة القلم الحر، مدخلا للقضاء على الوظيفة العمومية بشكل ترديجي، و مسعى للحكومة من أجل إخلاء ذمتها من واحد من التزاماتها و تعاقداتها المتمثل في التوظيف.
التظاهرة توقفت في منتصف طريقها، حين تدخلت القوات العمومية التي كانت حاضرة بكل تلاوينها، لفرض مسار خاص للمتظاهرين، بحجة الاختناق الطرقي الذي تعرفه مدينة فاس ساعات الدروة، تعنت سلطات فاس زاد من إصرار الطلبة على استكمال المسار الذي حددوه، حيث تمكنت التظاهرة من متابعة مسيرتها بعد تدافع بين الطرفين، نتج عنه ثلاث إصابات في صفوف الطلبة الأساتذة، تم نقلهم على وجه السرعة إلى مستعجلات المركب الاستشفائي الحسن الثاني.
احتجاجات الأساتذة المتدربين بفاس، عرفت مؤازرة ودعما كبيرا من قبل هيئات نقابية و حقوقية و شبيبية و سياسية، إذ عاين مراسل جريدة القلم الحر، التواجد المكثف لممثلين عن النقابات الأكثر تمثيلية، و أعضاء عن فدرالية اليسار الديمقراطي، إلى جانب ممثلين عن مكاتب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفرعيها، والحضور الوازن لطلبة كليات ظهر المهراز سايس، و الطلبة الموجازين الذين يخوضون معركة من أجل التسجيل بسلك الماستر، مؤطرين من داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، إلى جانب أسر المحتجين و بعض الأطر التربوية و الإدارية، و عدد من المواطنين المتضامنين مع قضية الأساتذة.

العرس النضالي الذي أبدعه الطلبة الأساتذة بفاس صباح اليوم الخميس 7 يناير، انتهى من حيث انطلق، بإلقاء البيان الختامي الذي ذكر بالنضالات التي خاضها الأساتذة المتدربون، و السياق الذي يؤطرها، و ما لقيته من تعاطف شعبي منقطع النظير، لاعتبار أساسي يتمثل في مشروعية مطالبهم، و مواجهتها من قبل الحكومة بالقمع مرة، ومرة أخرى بنهج سياسة الأذان الصماء، كما عبر البيان عن شكر الأساتذة لكل المتضامنين والمؤازرين، و ندد بالقمع الذي تواجه به احتجاجاتهم، و حمل الحكومة المسؤولية فيما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلا، و أكد على تشبث أصحاب البيان بمطالبهم، و استعدادهم لكل التضحيات من أجل تحقيقها، ليختتم البيان بتجديد الدعوة إلى التضامن مع قضيتهم.


و في سؤال لجريدة القلم الحر خصت به لجنة الإعلام، حول ما يروج في مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقات تنتقد المتدربين، لكونهم دخلوا مراكز التكوين بالتزام بقبول المرسومين، أجاب احد أعضاء اللجنة، أنهم لم يكن لهم علم بالمرسومين وأنهما لم يوقعا أي التزام في الموضوع، كما أن المرسومين لم يصدرا إلا بعد اجتيازهم للمباراة بل وبعد ظهور النتائج، و أنهم دخلوا المراكز وفقا للقانون الذي كان معمولا به من قبل، بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية كما تم تتميمه وتغييره.
و تجدر الإشارة إلى أن نضالات الأساتذة، طلبة معاهد مهن التربية خلفت ضحايا و معتقلين كان آخرها، اعتقال عبد الرحمان كرومي عضو التنسيقية الوطنية من موقع بني ملال.