adsense

/www.alqalamlhor.com

2015/12/19 - 11:46 م



بقلم الأستاذ حميد طولست
لم أستغرب ردة فعل المغاربة تجاه جواب السيدة "شرفات أفيلال" الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلفة بالماء، عن حزب "التقدم والاشتراكية" على السؤال المتعلق بمعاشات البرلمانين، الذي طرح عليها خلال استضافتها في برنامج "ضيف الأولى" يوم الثلاثاء 15 دجنبر، بقدر ما استغربت كثيرا من ردة فعل السيدة الوزيرة نفسها ، واستغرابها من ردة فعل المغاربة عند إحساسهم بالاحتقار والاستحمارهم المجاني، من خلال الدفاع عن تعويضات معاشات الوزراء والبرلمانيين والتي اعتبرتها ضئيلة ولا تساوي غير "2 فرانك" والتي قالت فيه: “أنا ما فهمتش واحد الحاجة وهي أنه خلاو البرنامج كامل بما له وما عليه، والنقاش المهم، ومشاو كيدققو في واحد الجملة اللي هي عابرة ودارو منها قصص ". الرد الذي أثار جدلا واسعا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وأحيى النقاشات حول إلغاء معاشات البرلمانين والوزراء والمطالبة بإلغائها ، والذي اعتبرته السيدة الوزيرة : "عبارة عن تراهات ونقاشات هامشية" ، وزيادة في الاستخفاف بالعقول ، أردفت السيدة الوزيرة قائلة أنه: "إلا كاع تراجعنا عن هذه التقاعدات واش غنحلو المشاكل الاجتماعية ديال المغرب كامل؟ هاد الشي علاش قلت 2 فرانك مقارنة مع ما يتطلبه النهوض بالأوضاع الاجتماعية للسكان من إمكانيات مالية، هي غير مقارنة وتعبير مجازي فقط .
وكأن لسان حال السيدة الوزيرة يخاطب المغاربة ناصحا :أيها المغاربة تخلصوا من حساسيتكم المفرطة ، فمثل تعليقي البسيطة هذا ، لا يمكن أن يتسبب في كل هذا الكم من التذمر والإحباط واليأس والجرح البليغ الذي عبرتم عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، ولا شك ، أنكم تبالغون وتعطون الأمور أكبر مما تستحق من الاهتمام والتأثر ، واحذروا الحساسية الزائدة ، فإنها تجعل تعكر الأمزجة  وتفسدها، وفسادها يزيد من هموم الحياة ..
يبدو مما تقدم أن الكثير من وزراء حكومتنا ، مع احترامي لبعضهم ، هم غائبون ، أو مغيبون عن مشاكل الحياة الحقيقية للمغاربة ، ولا يعرفون شيئا عما  يتربص بوجودهم من مشاكل الحياة وأهوال الواقع ، ويصرون في كثير من الأحيان ، على إبقائها ضمن دائرة التعاسة التي لا دخل لهم بها، ولم يسعوا إليها ، وإنما يساقون إليها وفقا لمعطيات الظروف والأيام ، ونوعية الوزراء الذين "كيسرحوا مواطنيهم كالأغنام " ، كما سبق لوزير منتم لحزب السيد أفيلال ، أن صرح في حوار صحفي مسؤول ، أنه كان : "في صغري كنت كنسرح لغنم ، ودابا كنسرح بنادم "، وكأنها عادة أو ثقافة يتلقاها وزراء  حزب التقدم والاشتراكية "الشيوعي " في مقرات الحزب..  
لا وألف لا ، أيتها الوزيرة المحترمة ، المغاربة لا يمَارِسُون الحُزْنَ عِشْقًا فِي الْمَنَاحَةِ ، كما يقال ، وإِنَّمَا يمَارِسُون إِنْسَانِيَّتِهم ، التي هي فطرتهم، وجوهرهم الذي يجعل منهم كيانات عاطفية بامتياز ، ترفض كَباقي البشر الأسَوِياء ، كل استهجان أو إستحمار أو تقليل من القيمة أو المس بالكرامة ، التي لا يملكون غيرها ، فرغم كل أنغام الابتسامات والتفاؤل الذي يعيش في قاع نفوس المغاربة، قإن بدواخل كل مغربي إنسان يصرخ بهذا الشكل المؤلم ، وبهذا الجهد الجهيد ، لتغيير مسار الأمور التي ليست في صالحهم وتمس بكرامتهم ، وفقا لمعطيات الظروف والأيام ، وحسب سلوك المستبيح لقيمهم مكاناتهم .
ربما أن السيدة الوزيرة معذورة في استغرابها من دفاع المغاربة عن كرامتهم ، لأنها لا تعرف الحالة التي يعيشها السواد الأعظم منهم ، والظروف القاسية ، نعم السيدة الوزيرة معذورة لأنها لا تعرف كم تساوي "الجوج فرانك" من عملتها - التي ربما تنفقها السيدة الوزيرة في جلسة واحدة في مقهى إذا لم يكن أضعاف أضعافه - عند الجيوش الجرارة من الفقراء التي تعيش مشرداة بلا سكن ، تفترش الأرض، وتلتحف السماء ، في الجبال المغرب الوعرة النائية ، وما تعانيه مع قدوم ليالي الشتاء الباردة ، حيث لا ملبس ولا مأكل ولا الدفء ولا معين إلا الله ..
اعذروا السيدة الوزيرة "الشيوعية"  معذورة لأنها لا تعرف أن مبلغ 8000 درهم الذي يحصل عليها البرلماني ، والذي اعتبرته مجرد "جوج فرنك" ، "لاتهش ولا تنش " كما يقال ، هو في حقيقته ثروة طائلة يمكن أن تسد الكثير من الحاجيات الضرورية للكثير من الأسر البسيطة وتساهم في مصروفات الطعام والشراب والملبس والتنقل وأداء بعض الممارسات الاجتماعية  ..
فعلى السيدة الوزيرة أن تعذر بدورها الشعب المغربي الذي تتقاضى ماهيتها من 2فرنك ديال خزينته  ، لتعمل على خدمة الناس بإخلاص وتفان ، وليس للاصطفاف إلى جهة أخرى غيره ، أو لتدافع عن "خليان دار بوه" ، وتعذره إذا هو نسج عبارات ساخرة حول تصريحاتها غير الموزونة ، وإذا هم تمنوا أن يعم التعامل بعملة "الفرانك الأفيلالي" ، وأن تعمم عذرها لكل من حول تعليقاته إلى مهاجمتها ، ووصفها بالمتعالية عليه وعلى كل من يطالب بإلغاء تعويضات تقاعد الوزراء والبرلمانيين لأنه إجراء كاف لحل مشكلة العجز في ميزانية الدولة برمتها، بدل البحث عن الحل في خفض وتجميد رواتب الشغيلة ، ورفع سن المتقاعدين ، والتي يسعى من يدعى الإيمان والقيم والمثل العليا لإذلالهم بقوانين جائرة وتبذير أموال الشعب بدون وجه حق.