أصدرت وزارة الصحة العمومية قبل أسابيع، خبرا مفاده أنها تمكنت بفضل مجموعة من الكفاءات المغربية من تصنيع دواء لالتهاب الكبد الفيروسي، من نوع ''س''، وسيصبح هذا الدواء في متناول المرضى بثمن حدده الوزير الوردي في حوالي ثلاث ألاف درهم، سيقضي على المرض بصفة نهائية، بعدما كان المصابين بهذا النوع من المرض يضطرون إلى إجراء عمليات غالبا ما كانت تبوء بالفشل.
استقبل المغاربة الخبر بسرور، لأنه سينهي معاناة العديد من الناس الذين يعانون منه، وحتى نكون منصفين فالإنجاز يستحق التنويه، على اعتبار أنه يقوم في إطار المجهودات التي تبذل من أجل محاربة الأمراض الفتاكة في العالم.
لكن السؤال الذي يطرح، والذي أثأر نقاشا واسعا تتبعته "جريدة القلم الحر" وسط الأوساط الطبية، العارفة بخبايا الشأن الصحي بالمغرب، تفيد أن نسبة المصابين بهذا المرض غير كبيرة بالمغرب، كما أنه مرض يمكن التعايش معه لعدة سنوات، قد تصل إلى عشرين عاما أو أكثر، لذلك فالخبر رغم أهميته يبقى إنجازا محدودا، مادامت المستشفيات في المغرب تعاني النقص في المعدات، و الأدوات الطبية و الموارد البشرية المتخصصة، بالإضافة إلى أن تصنيع هذا الدواء بالمغرب، كما أكدت ذلك نفس المصادر الطبية ليس سبقا، لأن دولا عربية سبقتنا إلى هذا الإنجاز وعلى رأسها دولة مصر المعروفة بانتشار الداء، حيث لا يتعدى سعره بالمحروسة ألفيي درهم.
مصادر طبية أخرى، في حوار مع جريدة "القلم الحر" قالت إن بلاغ وزارة الصحة حول هذا الدواء، مثل الضجة التي قام بها الوزير الوردي حول إغلاق ضريح بويا عمر، حيث تعد هذه الخرجات مجرد زوبعة في فنجان، الغرض منها تحويل أنظار الرأي العام، حول المشاكل المتراكمة التي تتخبط فيها الوزارة، و المتمثلة في إضرابات طلبة كلية الطب و الدكاترة المقيمين والداخليين، و اعتبروها شعبوية من الوزير الوردي من أجل تلميع الصورة لدى الرأي العام، خصوصا وأننا على أبواب الاستحقاقات البرلمانية التي يراهن عليها الإتتلاف الحكومي، لضمان خمس سنوات أخرى من تدبير الشأن العام.
لقد نشرت جريدة "القلم الحر" على صفحاتها مجموعة من المبادرات التي يقوم بها عدد من الأطر الطبية، إما بتنسيق مع مناديب الوزارة أو بتعاون مع هيأت مدنية، و أبرزها ما غطته الجريدة بمدينة فاس، الهدف من هذه الحملات التخفيف من الاكتظاظ الذي باتت تعرفه المراكز الصحية، و المواعيد التي أصبحت تتجاوز السنة ''يعني سير حتى تموت عاد اجي''.
الوزير الوردي في بعض المحطات، كان صادقا وصرح بأن مجهودات وزارته غير كافية أمام العجز الذي تشهده مستشفيات المغرب، في استقطاب الوافدين عليها وأغلبهم من الذين يعانون الهشاشة والفقر، لكونهم يسعون إلى ولوج الخدمات الصحية بالمجان، لكن المغاربة يحتاجون إلى فعل وليس إلى تصريحات قد تكون هي نفسها من باب إخفاء العجز.
فالعمل ألاستعجالي والآني المطلوب أولا حسب الهيآت الطبية، و الذي يشكل الخلل التام في المنظومة الصحية بالمغرب هو : ضرورة لامركزية المركبات الاستشفائية وتوفير التجهيزات الطبية لها والموارد البشرية الكافية، لتغطية العجز الحاصل على مستوى عدد من التخصصات، و تقليص مدة المواعيد أو حتى التمكن من إلغائها بالمرة، حيث يمكن لأي وافد على المستشفى الوج إلى الخدمات الصحية في الحال وليس إلى حين.