بقلم الأستاذ حميد طولست
على إثر نشوب النيران في سيارة بشارع الحسن الثاني ، قلب مدينة فاس ، صباح اليوم الأحد 13 /12/ 2015 ، أبت وطنية الصديق والزميل محمد الحداد ، وهو ينقل الخبر على موقع جريدة "فاس اليوم " إلا أن تدفع به إلى طرح أسئلة وملاحظات تعلق بعضها بسبب تأخر وصول رجال المطافئ ، إلى مكان الحدث الذي استمر الحريق فيه مدة طويلة ، وتعلق البعض الآخر من التساؤلات ، بعدم تدخل أي من ساكنة وتجار هذا الشارع وأصحاب المقاهي المؤسسات التي تملأ جنباته لمحاولة إطفاء النيران التي اشتعلت في السيارة ، وذلك بواسطة ما يفترض أن يتوفر في كل المقاهي والمصالح الإدارية من قنينات الإطفاء ، والتي كانت كفيلة من إخماد النار في بدايتها ، أو الحد من غلوائها على الأقل ، في انتظار مجيء رجال المطافئ ، الذين أصبح تدخلهم يتطلب وقتا طويلا ، لبعد ثكنتهم عن وسط المدينة ، وعدم وجود مراكز لهم بها ، بعد أن نقلت في أواخر الثمانينات من شارع الحسن الثاني إلى وادي فاس ، ويتم تفويت مكانها لإنشاء فندق مصنف.
لقد ذكرتني أسئلة الأستاذ الحداد المشروعة والتي تنتظر رد المسؤولين ، بما طرح من الأسئلة الكثيرة المماثلة ، والتي تبقى بدون اهتمام أو إجابة ، كما ذكرني بما طرحت من تساؤلات على خلفية تعرض حي فاس الجديد للحريق المهول الذي أتى قبل سنوات على 24 متجرا للأثواب والملابس، والسلع القابلة والسريعة الاشتعال ، الأمر الذي صعد من هيجان النار وأجج اشتعالها ، وصعب مأمورية رجال الإطفاء ، الذين هبوا كعادتهم باذلين التضحيات الجسام لتخليص التجار والساكنة مما حل بهم. لكن ضعف البنية التحتية وقلة التجهيزات التي يعتمد عليها في مثل هذه الكوارث المهددة للأرواح والممتلكات، عقدت عملية الإنقاذ، حيث أن عدم توفر الحي على مراكز لرجال الوقاية وانعدام وجود تجهيزات الإطفاء اللازمة لتزويدهم بالماء الوقاية الكافي لإخماد حريق في ضخامة وضراوته هذا الذي ابتلي به فاس الجديد ، ما اضطرهم إلى للجوء لحي المرينيين للتزود بالماء ..
وبمناسبة حدث حريق السيارة -والمناسبة شرط كما يقولون- تذكرت ما راج قبل سنوات في لقاء تم - لا أذكر مناسبته- مع السلطات والمسؤولين عن الوقاية بالمدينة تُدورست خلاله خطورة انعدام حنفيات الإطفاء بجل الأحياء الشعبية لفاس ، والمعروفة بضيق دروبها والتي يتعذر وصول الوقاية المدنية إليها عند وقوع الكوارث ، واُقترح أنذاك إلى جانب تزويد كل الأحياء بتلك الحنفيات الضرورية للإنقاذ، إقامة مراكز صغير تابعة للوقاية المدنية مزودة بالهاتف وبعض معدات التدخل الأولي التي تسبق حضور رجال الإطفاء ومعداتهم الضخمة. كم سرني المقترح ساعتها ووجدته ذكيا وفعالا خاصة أن صاحبه أحد ضباط الوقاية المدنية الشباب ، الذي دفع به الضمير والحيوية والإخلاص للمهنة والوطن، إلى اقتراح بديل مصاحب لمقترحه القاضي بتزويد الأحياء الشعبية بمراكز للوقاية المدنية، وهو تدريب بعض ساكنة الحي على التدخل الأولي وخاصة منهم "البياتة" هذه الفئة من العسس الذين لا يخلو من وجودهم أي درب من دروب الأحياء والمدن القديمة، وهم تلك الفئة المعروفة عندنا مند القدم "بالعساسة ديال الليل" الذين يسهرون على حراسة المتاجر وأمن المساكن ليلا ، وأذكر جيدا أن المتضررين من الحريق قد اجتمعوا غرفة التجارة والصناعة والخدمات لفاس ، للاحتجاج على مصابهم الجلل ، وحتها على تنفيذ المقترح السابق ، وخاصة أنه لا يتطلب الميزانيات الضخمة التي يتحجج المسؤولون دائما بشحها وانعدامها..وعلى ما يبدو أن الأمور لم تتغير ولا زالت المدينة تعاني من الخصاص في كل مجالاتها الحيوية التي تمس سلامة الساكنة ..