لغة الأرقام غالبا ما لا تعبر عن واقع الحال، خصوصا أمام تضاربها وعدم اعتمادها من المصادر التي ليست لها أي مصلحة في التضخيم أو التقزيم، فنجاح الإضراب اليوم أو فشله لن تعكسه الأرقام التي تعلن عنها النقابات ولا التي تعلن عنها الحكومة فكل طرف من الأطراف سيحاول إثبات انتصاره على الثاني من خلال التبجح بأرقام لا تقارب الواقع.
الانتصار الحقيقي ما ستفضي إليه الأيام القادمة، حيث مشاريع قوانين الإصلاحات مركونة تنتظر تمريرها في لحظات عجز أو ضعف من المعنيين بالأمر، فنجاح الإضراب حتما سيجعل القيمين على تدبير الشأن العام يعيدون حساباتهم ويأخذون بعين الاعتبار المعطى الجديد المتمثل في رفض ومعارضة شريحة من المجتمع لقراراتهم بعدما اعتبروها مجحفة في حقهم وغير منصفة على اعتبار أن الإصلاح ينبغي أن يعتمد مقاربة شمولية.
وفي حال إقدام الحكومة على تمرير مشروعها القاضي بإصلاح نظام التقاعد على حساب الموظفين والأجراء، وذلك بالزيادة في مبلغ الاقتطاعات والرفع من سن الإحالة على المعاش فإن ضغط النقابات لم يكن له أي آثر، وفي رأينا أن التنسيق الميداني الذي حصل خلال إضراب اليوم الخميس، وحسب المعطيات التي استقتها جريدة "القلم الحر" من أرض الواقع ومن مراسليها في الميدان، فقد تبين أن الحكومة ستدعوا إلى جولات أخرى من الحوار، سيكون فيها الحسم بنتيجة لا غالب ولا مغلوب.