بل هي تحديات كثيرة، تواجهها النساء عند ولوج عالم الشغل في المغرب، تتفاوت درجات الصعاب و الخطورة و الإكراهات، من مكان لآخر ومن وظيفة لأخرى، غالبيتها موضوعية لا ترتبط بجنس المرأة، أو ببنيتها، بل بطبيعة المجتمع، وتعقيد تركيبته الثقافية، فالمرأة أثبتت وجودها في أحلك و أسوء اللحظات، التي مرت منها البلاد، حروب و أزمات وأمراض وأوبئة كانت دائما حاضرة.
اقتحمت المرأة منذ الاستقلال مجالات الإدارة، وتدبير الشأن العام، بل وأصبحت رائدة في بعضها، تعليم، صحة، طب وهندسة وغيرها و بدأت في السنوات الأخيرة تقتحم مجالات كانت إلى عهد قريب حكرا على الرجال، منها مجال الشرطة بكل اختصاصاته وتشعباته.
آخرها ما عرفته كبريات حواضر المملكة، حيث ظهرت إلى الوجود فرقة من رائدات الفضاء الطرقي، يعطين انطباعا آخر مغاير عن المرأة، يزيل من الأذهان التصور النمطي لمقاربة النوع الاجتماعي، الذي للأسف أصبح يسود أوساط كثيرة من المجتمع، بفعل الإندحار الثقافي الذي بات يعرفه العالم العربي، نتيجة غزو رياح الشرق المتخلفة.
صورة بانورامية رائعة، شرطيات تقدن دراجات نارية تابعة لسلك الشرطة، حيث تعتبر هذه التجربة التي اعتمدتها المديرية العامة للأمن الوطني في إطار تبنيها لمقاربة النوع، جعلت المغرب يكون رائدا في هذا المجال على الصعيدين العربي والإفريقي.
مصارعات على حلبة الطرق، وما تعرفه من مخاطر، ركبن طريق التحدي بعزم وثبات، وكلهن إصرار وثقة في النفس على قدرتهن في أداء وظيفة من أخطر الوظائف، هدفهن حماية الناس وحفظ سلامتهم.
عنصر من دراجيات أمن المرور بفاس صادفتها جريدة "القلم الحر" بمدر طرقي، وفي الحقيقة هذه الصدفة هي ما أوحى لنا بالموضوع، شابة أنيقة، فارسة على صهوة مهر حديدي متحرك، تنط الحواجز، بخفة ورشاقة، ورقة، تنظم السير وتحفظ لمستعملي الطريق سلامتهم وكرامتهم، راجلون وراكبون، تبعث رسائل الأمل لكل النساء في المغرب، تتواصل مع الجميع بكل رقة و أدب، غير عابئة بتقلبات الطقس و الضجيج المحيط بها ولا المخاطر التي يمكن ان تتعرض لها.
وتجدر الإشارة إلى أن عمل دراجيات المتألقات اللواتي ظهرن ببعض المدن الكبرى كفاس و مراكش والرباط والبيضاء، لا تشمل تنظيم السير وضبط المخالفات ، والمحافظة على سيولة حركة السير، فقط بل إنهن مدربات أيضا على مرافقة المواكب الرسمية .