adsense

/www.alqalamlhor.com

2015/11/18 - 9:34 م


محمد الدحماني (بوستة)
اليسار المطلوب إعادة بنائه اليوم يختلف عن حالته قبل عقدين من حيث التوهج والامتداد الشعبي، الحالة المغربية اليوم منحصرة في تجمعات دون حاضن لشباب الثانويات والجامعات… ثم إنها حالة تنظيمية متناثرة واندفاعات قد لا يستقيم تحليلها بالعناصر التقليدية لتناول الظاهرة السياسية…
فكرة إقامة الحزب الاشتراكي الموحد، قد تندرج –موضوعيا أو حتى ذاتيا- ضمن طموح إعادة البناء، لكنها لم تحقق تطلعها الحاسم: أن يجتمع اليساريون ضمن إطار يصون التعدد من داخل الوحدة، ويتوجهون لإنجاز مهام اليسار التاريخية.
واليوم، يعود نقاش إعادة هيكلة اليسار إلى الواجهة. فما الإطار المرجعي وما المهام؟
أولا: الإطار المرجعي لليسار.
يعد اعتناق أطروحة الديمقراطية بمعناها الشامل، أكبر اختراق حققته المراجعات المتعددة لأطروحة اليسار في العالم. ومعلوم أن الحيز المجالي للديمقراطية كان على حساب “الثورية”. هذه نقطة يتعين الحسم فيها إلى ما لا عودة؛ فلا معنى لبعض مظاهر الحنين إلى المفاهيم “الثورية” لاسيما تلك التي تتناقض في الصميم مع الديمقراطية. ولا معنى لممارسات مغلقة، قد تنتصب عائقا أما شيوع فكرة الديمقراطية.
اليسار اجتماعي بالطبع وبالتكوين. وعليه، تنتصب غاية تحقيق العدل الاجتماعي كمبرر “تاريخي” لليسار. والعدل الاجتماعي عصب الزاوية في منظومة الديمقراطية المشار إليها أعلاه.
اليسار حركة عالمية (ومعولمة) بطبعها. فلا قيمة لفكرة وطنية أو جغرافية ما. ولا معنى ليسار مغربي بدون أصدقاء وحلفاء في العالم. ذاك هو الامتداد الضروري ليسار مؤثر. ضمن هذا التوجه، تبدو بعض التقاسيم جامعة لليسار في العالم: السلم العالمي المبني على العدالة الدولية؛ أي سمو القانون الدولي وإزالة الظلم والاستعمار من العالم.
ثانيا: مهام اليسار.     
أولى المهام هي تأمين الوضوح السياسي الذي على قاعدته تنجلي قراءة التشكل الاجتماعي والثقافي وتعبيراته السياسية. فاليمين موقع تاريخي يحتله “اليمين التاريخي” كما هو حال اليسار. ولا جدوى من ترديد تراكيب لا أصل مفهومي لها، كما هو حال مقولة “الخط الثالث”. يوجد يمين تاريخي كما يوجد يسار تاريخي، وأما باقي التعبيرات السياسية، فلابد من كونها جزء من التكتلين الأساسيين بصرف النظر عن درجة البعد أو القرب، أو هي أدوات “لا تاريخية” مفبركة تحت الطلب، كما هو حال “أحزاب الإدارة” بالمغرب، وهي لا تاريخية ولا تتوفر على أسباب الاستمرار… هذا الوضوح السياسي ضروري لتأمين وضوح الخريطة والمهام ومنها المواقف المجدية. فالتقاطب الثنائي نتيجة مطلوبة رغم صعوبة تحققها، لكنه من المفيد التوجه نحوها بالتدرج. ضمن هذا النسق يكون –موضوعيا- اليسار واليمين معا يمتازان باستقلالية وسيادة قرارهما.
ثاني مهام اليسار تأمين التنظيم الفعال والمجدي. تنظيم ديمقراطي، يحترم المؤسسات، ويمتاز بالمرونة الضامنة لتحقيق الجدوى المرجوة منه. في التنظيم الديمقراطي لا قيمة للفرد ولمجهوده إلا بصهر المجهود ضمن نسقية البناء التنظيمي القائم على قوة المؤسسات وديمقراطيتها.
على الصعيد المغربي، تنتصب مهمة “حشد همم اليسار” كإنارة حاسمة لتأمين أسباب نجاح المشروع… فاليسار الذي –في معظم تكويناته- أنجز المراجعة الضرورية لأطروحاته التقليدية، أنتج تجربة تستحق العناية والتقدير… وتستحق تحصيلها (capitalisation) من أجل توفير نفس النهوض والتشكل والسير على طريق إنجاز الديمقراطية الشاملة. في هذا السياق، تتراءى تجربة القاعديين في الجامعة المغربية -على امتداد أمدها الممانع وبطابعها الكفاحي العصامي- من بين المنارات المشرقة في رصيد اليسار المغربي.
هذه، بتركيز شديد جدا، محددات البناء، كإسهام في نقاش انطلق ولم ينته.