adsense

/www.alqalamlhor.com

2015/10/29 - 8:08 م



''ما كاين ما يدار''، هكذا يجيبك كل من سألته عن سبب ممارسة هذه اللعبة، ففي الفضاءات المفتوحة في المدن و في أركان زقاقها ودروبها غالبا ما تصادف مجموعات من المسنين، وفي كثير من الأحيان في سن متوسط، متقاعدين منهم وعاطلين، يلعبون يمارسون لعبة الورق التي تسمى في الأوساط الشعبية ''بالبلوط''، لإهدار وقت بات يثقل كاهلهم.
هذه اللعبة لم تعد محصورة على فئة بعينها، بل يظهر أنها انتشرت بين مختلف فئات المجتمع المغربي، جامعيون، صناع وعمال وموظفون، فإذا كانت قلة حيلة اليد تضطر جماعات إلى ممارسة اللعبة في الشوارع فان فئة أكثر حظا من الأولى تمارسها في المقاهي والأندية.
و الغريب أن لعبة البلوط لم تعد لعبة المتقاعدين فحسب، وإنما أضحت لعبة جميع العاطلين وأشباه العاطلين، الذين يجدون فيها الملاذ لصرف الطاقة الزائدة التي قد تصبح في حال تراكمها مثيرا للعدوانية تجاه الذات والغير.
في مقاهي الأحياء الشعبية أصبحت لعبة البلوط وسيلة لكسب الرزق، فالكثيرون امتهنوا البلوط و أصبحوا قابعين في المقاهي وسط زخم الضجيج ودخان بألوان متعددة تختلف مصادرها، ليس للهو أو المتعة أو تسريع وتيرة الزمن، و إنما لكسب القوت اليومي الذي يأتي عن طريق كسب أكثر عدد من ''بارتيات'' البلوط، بل إن هناك من أصحاب المقاهي الشعبية من يدفع لبعض محترفي البلوط كي يرابط بالمقهى لأنه يجلب الزبائن.
المثقفون و المربون و المدرسون بدورهم استهوتهم اللعبة فباتت جزء من برنامج يومهم يمارسونها كلما أتيحت لهم الفرصة، فقد سألت أستاذا عن سبب اختياره للعبة، في ظل مجتمع لازال ينظر الى لعبة الورق نظرة متحفظة، فكان جوابه أنها لعبة مثل كل الألعاب، للترفيه والتسرية على النفس و أن الأستاذ ليس كائن فضائي، وإنما هو جزء من هذا المجتمع يتأثر به ويؤثر فيه، و في ظل الروتين القاتل الذي يعيش فيه الأستاذ و الساعات المتراكمة التي يقضيها داخل القسم مع تلاميذ تختلف طبائعهم وعاداتهم ومشاربهم سيصاب بكل الأمراض المزمنة إذا لم يجد وسيلة للنسيان اقلها ضررا البلوط، جواب قد يكون له جانبه من الصواب لكنه يبقى غير كاف لإقناع أغلب الناس.
البلوط يمكن اعتباره اللعبة الشعبية بامتياز، مثل كرة القدم وانتشاره راجع إلى عدة عوامل منها ما ذكرناه، ومنها كون اللعبة بسيطة وغير مكلفة لذلك يسهل انتشارها، فكل رأسمالها درهمان لشراء رزمة الورق، والمكان بعد ذلك غير مهم عتبة منزل او في الفضاء المفتوح ومقهى أو ناد في أحسن الأحوال.