لكل باب من أبواب المدينة العتيقة بفاس ( العاصمة العلمية) حكاية، تحيل إلى أسباب التسمية، جريدة "القلم الحر" ارتأت أن تشارك قراءها متعة اكتشاف أسرار و خبايا تاريخ هذه المداخل المتفرقة في كل الاتجاهات، و ذلك عبر حلقات نخصصها لكل باب على حدة، وستكون البداية من الباب الأكثر شهرة في العالم، وهو باب بوجلود.
وتأتي أهميتها من كونها أقرب الأبواب إلى فاس الجديد والقصر السلطاني، وهي المدخل الذي يلج منه أغلب زوار المدينة.
وتجدر الإشارة إلى أن الباب الحالي ليس هو الباب التاريخي القديم لقصبة بوجلود، والحقيقة أن الذي أنشأ باب بوجلود الحالي هي سلطات الحماية الفرنسية سنة 1913م، أما الباب التاريخي الأصلي فقد كان على يساره، وكان شكله الهندسي عادي في صورة حربة، وقد أغلق منذ ذلك التاريخ إلى الآن ، وكان يدعى باب القصبة القديمة كما ورد في كتاب نشر المثاني في إشارة إلى قصبة المرابطين.
أما تسمية الباب فقد اختلف النطق بها بين بوجنود وبوجلود وبوجمود، كما أن هذه التسميات لم ترد عند جل أشهر المؤرخين كالبيذق وابن عذاري وابن خلدون وابن الخطيب وابن أبي زرع، وهذا يدل على أن الاسم جديد يرجع إلى العهد العلوي حينما وردت حوالة إسماعيلية خاصة بجامع القرويين ذكر فيها (عرصات أبي الجلود) و(عرصة بوجمود) وهي حدائق غناء كانت مكسوة بالأشجار والأزهار والرياحين تحيط بالقصور التي بنيت منذ عهد السلطان مولاي اليزيد العلوي، تفصل بين فاس المرينية وفاس الادريسية.
أما الباب الحالي فهو ذو ثلاث فتحات مزخرفة بالزليج الأزرق الفاسي في الواجهة الخارجية وبالأخضر في الواجهة الداخلية، وقد تحرى مهندسوه الفرنسيون أن يحاكوا النماذج المغربية التقليدية فجاء على شاكلتها، وبذلك اشتهر في العالم وقُدّم في النشرات السياحية، وتوهم الكثير أنه من مخلفات الماضي .
وقد أثار هذا الباب المحدث من قبل الفرنسيين مشاعر الفاسيين الساخطين على النظام الاستعماري، فسموه باب النصارى وتشاءموا منه، حتى رفض البعض أن يجتازوا تحت قوسه، برغم كون الفرنسيين سموه (باب الأمة)، ولما علم الفرنسيون بهذا التذمر العام، قرروا إغلاق باب القصبة القديم، فتناسى الناس تسمية باب النصارى ولم يستعملوا بديلها باب الأمة، وإنما استعملوا تسمية باب بوجلود أو أبي الجنود نسبة لقصبة بوجلود الأثرية التي بناها السلطان يوسف بن تاشفين المرابطي.