adsense

/www.alqalamlhor.com

2015/01/04 - 8:45 م



قرأنا عن كهف أفلاطون ، وعن كهف جبل إنسيلوس أو بنسيلوس ، ولكن كهف عزيب الدرعي بأسفي كان أكثر الكهوف احتقارا لكرامة الإنسان ..
زهرة قيشو ، امرأة مسنة ، عاشت رفقة براعم من بينهم وردتين معاقتين أكثر من 38 سنة داخل مستنقع كهف تعافه الصراصير .. تكالب عليها الفقر والدهر ، ورماها زمن البرغوت لتنبت على مفاصل الخراب والتراب ..
كل من ساقه القدر ليلج هذا الكهف الدرعي أو شاهد شريطه الدرامي الذي نقلته لنا إذاعة أسفي تي في سيصاب بالذهول ، وسيقف عند مأساة لن تخفيها خطابات الوهم ، ولا قشور الحضارة ..
زهرة أمطرت من نسغ الضيم دموعا هي أشبه بصك الإدانة لكل من تناوبوا على تدبير مدينة الكذب والنفاق .. سلطة غائبة ، القائد نائم ، المقدم مشغول بقضايا أخرى ، رئيس الدائرة غرقت به الدائرة ، الوالي خارج التغطية ، المنتخبون ميتون ، رئيس المجلس الحضري علبة صوتية ، المنعشون العقاريون غوغاء يملؤها الجشع والطمع ..
تلك حكاية دموع تنساب بالألم من عيون امرأة مستضعفة تستنجد بالرجال إن بقي في هذا البلد رجال ، امرأة تعيش وضعية صعبة تطرح أمامنا موضوع حقوق المرأة ، وحقوق الإنسان ، وحقوق الأطفال ، كيف لامرأة كرمها الخالق أن تعيش داخل كهوف العصور البائدة ؟ .. كيف نطالب من أبنائها أن يسايروا أقرانهم في الدراسة ، وأن لا ينحرفوا وبيتهم وكرا مفتوحا أمام المعتوهين والمرضى والسكارى ؟ .. كيف نطالب من امرأة تعيش وضعية ما قبل الهشاشة أن تعطينا جيلا راقيا وسويا ؟ ..
سنوات مرت على هذه المأساة ، والمتفرج بامتياز هي السلطة ، سلطة تساهم في إنتاج البؤس والجريمة ، ومنعشون أدخلوا المدينة برمتها إلى غرفة الإنعاش ..
وتبقى نصيحة أخيرة لسلطة أسفي إذا بقي هذا الكهف كما هو عليه ، فعليها أن تسجله ضمن التراث الإنساني ، وتعلن عن فتحه كمعلمة تاريخية في وجه السياح لتستثمر فيه كمشروع ثقافي وسياحي ..
تحية لهذه الزهرة التي قاومت الأشواك وحدائق الشر ولم تتخلى عن مسؤوليتها وأمومتها رغم إحساسها بأن الجميع قد تخلى عنها ، القضاء لم ينصفها ، وأصحاب الأرض إن كان للأرض أصحاب لم يرحموا ضعفها ، والسلطة لم تتدخل لرفع الضرر عنها وتبقى البداية موصولة بالشكر والتقدير إلى الموقع الذي وصل إلى بؤرة هذا الجرح ونقله لنا بالصوت والصورة ، مع الثناء والتقدير كما العادة إلى المركز المغربي لحقوق الإنسان الذي أعلن عن مؤازرة محنة زهرة وأطفالها ضد جريمة الإهمال و الصمت .