adsense

/www.alqalamlhor.com

2015/01/04 - 12:16 ص

رشيد لزرق: بعض الجمعيات لا علاقة لها بالنشاط الحقوقي

رشيد لزرق

في أفق الاستحقاقات خلال السنة المقبلة، يبقى الهاجس الكبير الذي يشغل بال جميع 

الأحزاب والقوى السياسية يكمن في "العزوف السياسي".
المفكر والمؤرخ عبد الله العروي قال في الرباط أخيراً في واحدة من إطلالاته النادرة، 

إن ظاهرة العزوف السياسي أضحت ظاهرة كونية، توجد في جميع أنحاء العالم، بما في 

ذلك أوربا وأميركا.

لكن الملاحظ مغربياً أن الظاهرة تتسع وسط شرائح الشباب. في الماضي كانت منظمات 

الشبيبة هي الرافد الأساسي للأحزاب بالأطر والقيادات.
في الوقت الحاضر، كما يرى معلقون، وبسبب عزوف الشباب "هرمت" القيادات 

الحزبية ولم تعد تتجدد، إلا إذا تدخل القدر.
في هذا الملف ارتأينا أن نطرح السؤال على الشباب أنفسهم حول تفسيرهم لعزوفهم عن ا

لعمل السياسي.

هل تفهم الدور الذي تلعبه المنظمات الحقوقية؟
لقد لعبت المنظمات الحقوقية دوراً أساسياً في الضغط لتحقيق التحول الإيجابي في اتجاه 

بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات. وتكريس حقوق الإنسان ودفع الدولة إلى التوقيع 

على الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، والعمل على الدفاع عن القضايا الحقوقية ونشر 

الوعي الحقوقي في المجتمع. وفي هذا الصدد نجحت الحركات الحقوقية في دفع الدولة 

إلى جعل التعاقد الدستوري ميثاقاً حقيقياً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، والمساهمة 

في ترسيخ المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، والمتمثلة في الكونية والمساواة وعدم ا

لتمييز وعدم القابلية للتجزيء. وفي هذا المنحى صادق المغرب على العديد من 

الاتفاقيات 

المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، ومن بينها البروتوكول الملحق بالعهد الدولي للحقوق 

المدنية والسياسية والبروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والبروتوكول الملحق 

بمناهضة التمييز ضد المرأة، والبروتوكول الملحق باتفاقية جنيف المتعلقة بالقانون 

الدولي الإنساني. غير أن الطبيعة المحافظة للحكومة الحالية جعلت الدولة تتعامل 

بإرادتين، الأولى المصادقة على الاتفاقيات الدولية، والإرادة الثانية تتجسد في مواجهة 

الحركات المطالبة بتنفيذ التزاماتها بالحلول الأمنية .

كيف تفسر حدوث "صدامات" بين الفينة والأخرى، بين "الدولة" والمنظمات الحقوقية؟

إن موضوع حقوق الإنسان لازال يثير بين الفينة والأخرى تجاذبات بين الجمعيات 

الحقوقية والدولة. وهذا التجاذب يعطي مؤشراً على صعوبة التحول الديمقراطي، فالجسم 

الحقوقي بدوره يعرف اختلالات ويطرح سؤال المصداقية للدفاع عن حقوق الإنسان، 

بالنظر لطغيان الجانب السياسي على بعض المنظمات الحقوقية، هنا أعطي مثالا واضحاً 

لتصعيد العصبة المغربية لحقوق الإنسان، التي ينتمي مختلف رؤساؤها إلى حزب 

الاستقلال المحافظ (لا يؤمن بكونية حقوق الإنسان) إذ مباشرة بعد خروج حزب

الاستقلال للمعارضة، عملت على تصعيد حدة انتقاداتها للدولة بهدف إحراج الحكومة إلى

درجة بدأت تتلاقى فيها مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي ينتمي كل الرؤساء 

الذين مرو بها إلى اليسار الجدري منذ إنشائها. ناهيك عن كون الذراع الحقوقي للحزب 

الأغلبي منتدى الكرامة، يوجد على رأسه عضو الأمانة العامة للحزب، وما طفا للسطح 

أخيراً من صراعات وتصريح أحد أعضائه بـ"حكم الأجندة السياسية" للجناح الدعوي 

داخل حزب العدالة والتنمية، ناهيك عن التهم الموجهة لهذا الأخير من قبل عائلة في قتل 

ابنها والإفلات من العقاب
إلأمر الذي يطرح لبساً في تحول العمل الحقوقي إلى أحد أدوات الضغط السياسي، سواء 

لخدمة أجندة حزبية بغية التموقع، أو الضغط على الدولة في اتجاه أجندة خدمة داخلية أو 

خارجية هدفها إحراج الدولة والرضوخ لمطالبها.
برأيك كيف يفترض تمويل أنشطة المنظمات الحقوقية؟

من اللافت للنظر أن موضوع التمويل الخارجي صاحبه حالة تناقض بين الدولة من جهة 

والجمعيات الحقوقية من جهة أخرى، وعمل كلا الطرفين على توظيف الخطاب التآمري 

بشكل متصاعد مما شكل تصادماً بين الطرفين، وذلك نتيجة لطبيعة الأحداث والمتغيرات 

التي يعرفها بلدنا ومدى توافق التقارير مع المصالح أو التصورات، فمن جهة تعتبر 


الجمعيات الحقوقية الحاصلة على التمويل الخارجي أن ذلك يتم في إطار التعاون، أما ا

لدولة فتعتبر أن طبيعة تمويل بعض الجمعيات يأتي في إطار خدمة أجندة محددة، بدليل 

أن بعض الجمعيات تتجه إلى طرح قضايا فوق وطنية .

ما هو موقفك من "التمويل الخارجي" لهذه المنظمات.. مقبول أم مرفوض؟

إن قوة المجتمع المدني عموماً والجمعيات الحقوقية خصوصاً تتمثل في استقلالها المالي 

عن كل أشكال الدعم الاقتصادي سواء داخلياً أو خارجياً، وأي استفادة له من التمويل 

كيفما كان حجمه ومصدره يسيء إلى استقلاليته. فأينما يوجد تمويل رسمي أو أجنبي 

توجد شروط تفرضها الجهات الداعمة وأهداف غير معلنة يسعون إلى تحقيقها. وهو ما 

يجعل هذه الجمعيات مجرد آليات لتنفيذ المخططات الإستراتيجية للأجهزة الحكومية 

وللجهات الدولية المانحة. و بالتالي يبعدها عن مهامها الحقيقية في كونها السلطة المستقلة 

التي تقف بين الفرد والدولة للحد من تعسفات السلطات العمومية وحثها على الاستجابة 

لحاجيات المواطنين .ورغم ذلك لا يمكن التعميم، فهناك التمويل الأجنبي الذي ساعد على 

إنجاز مشاريع وأنشطة تنموية وعلمية في غاية الأهمية، وساعد في تحقيق إشعاع وطني 

للجمعيات الحقوقية.

ما هو تقييمك لظاهرة تكاثر الجمعيات الحقوقية، هل هي سلبية أم إيجابية؟
إن تكاثر الجمعيات يمكن النظر إلىه من زوايا متعددة، فمن جهة يعتبر أمراً إيجابياً لكونه 

يعبر عن تعددية، ومن زاوية أخرى يمكن اعتبار تكاثر الجمعيات في اتجاه مبالغ فيه 

يساهم في تشتيت الجهود على اعتبار أن كونية حقوق الإنسان تستلزم تكتل الحركة 

الحقوقية على أساس المرجعية الكونية لحقوق الإنسان وذلك من أجل التعبئة بغية تكريس 

حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دولياً.

هل ساهمت هذه المنظمات فعلاً في ترسيخ حقوق الإنسان؟
المناضلون في مجال تكريس حقوق الإنسان هم مناضلون إذا ما كانت الغاية هي تمتيع 

المجتمع بحقوق الإنسان وكرامته. لكن هذا لا يعني أن كل المشتغلين في القطاع تغدوهم 

هذه الغاية، فهناك من يتخذ هذا المجال كواجهة بغية تحقيق ترقي حزبي أو إطار لتفريغ 

مكبوتات إيدلوجية .

هل تقبل تدخل منظمات حقوقية دولية في الشؤون الداخلية للمغرب؟
إن تراجع الدولة وقدرتها على الضبط الاجتماعي والسياسي في مقابل تصاعد المد 

الحقوقي الذي ينتمي لمشارب متعددة، تستوجب مقاربات توافقية لا إقصائية، فنحن نمر 

من مرحلة انتقالية، وبالتالي فمقاربة الكلاسيكية التي تفترض عزل الدولة على العالم 

الخارجي أصبح دون جدوى، وبالتالي نحن مدعوين دولة وفعلا جمعوياً إلى تفعيل 

المقاربة التشاركية والمضي قدماً في اتجاه تكريس الحقوق والحريات واحترامها والعمل 

على التزام الفعل الحقوقي في التقارير المرفوعة ورصده للخروقات بشكل موضوعي 

لبناء مغرب الحقوق والحريات.

**********************************
رشيد لزرق
حاصل على الدكتوراه في الأنظمة الانتخابية.
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام.
له العديد من الدراسات والمقالات في الانتقال الديمقراطي.
ناطق رسمي لجمعية الاختيار الحداثي الشعبي.