adsense

/www.alqalamlhor.com

2014/12/14 - 6:38 م


عبدالعزيز العبدي: النضال من أجل حقوق الإنسان يساهم في بناء دولة الحق والقانون
عبدالعزيز العبدي
يوسف لخضرطرحت في السنوات الأخيرة مسألة أنشطة الجمعيات الحقوقية والدور الذي تلعبه على الساحة.حوار: يوسف لخضر
كما طرح موضوع العلاقة بين هذه الجمعيات والسلطة، ونقاط التقاطع والتلاقي بينهم
.
السلطات تطرح أسئلة حول مصادر تمويل الجمعيات الحقوقية وأوجه إنفاق ذلك التمويل، في حين ترى الجمعيات أن الغرض من طرح هذا التساؤل هو التضييق على أنشطتها.
بعض الذين يقفون على الحياد يطرحون أسئلة حول دوافع السلطات الحقيقية من طرح موضوع التمويل، كما يرون أن الجمعيات لا يمكن أن تبقى فوق كل محاسبة في أنشطتها، خاصة إذا كان خصوم المغرب يستغلون ما تنشره من تقارير لتضخيم التجاوزات والانتهاكات. في هذا الملف نطرح مسألة ما يحسب لهذه الجمعيات وما يحسب ضدها.
< كيف تفهم الدور الذي تلعبه المنظمات الحقوقية؟
> هناك نوعان من المنظمات الحقوقية، الوطنية والتي هي عبارة عن جمعيات، وأممية أو دولية وهي عبارة عن منظمات ترقى في معظمها إلى العضوية في منظومة القانون الدولي.
بالنسبة لكلتيهما، يتجسد دورهما في العمل ضمن آليات محددة لحماية حقوق الإنسان والترافع من أجلها في استقلالية تامة عن الدولة.
حيث أن هذه الحقوق هي بالضرورة غير مصانة في المطلق، والدور الذي تلعبه هذه المنظمات هو دور ترافعي ونضالي ضد الدولة التي تكون في معظم الأحيان هي المعتدية، بشكل مباشر أو غير مباشر، على هذه الحقوق.
يبقى شكل الترافع وحِدة النضال رهين بطبيعة الدولة التي تتحرك فيها هذه المنظمات، والذي يتأرجح بين الصراع المرير المطبوع بالقوة في الأنظمة الاستبدادية وبين المشاركة والتعاون بين هذه المنظمات والدولة في الأنظمة الديمقراطية.
< كيف تفسر حدوث ''صدامات'' بين الفينة والأخرى، بين ''الدولة'' والمنظمات الحقوقية؟
> بالرجوع إلى السؤال الأول، الصدامات هي حالة التقاء على خط الممارسة السياسية السائدة في نظام معين، الأكيد أن الأنظمة الديمقراطية تتماهى سياساتها والمنظومة الدولية لحقوق الإنسان، ويسير خط الفعل النضالي للمنظمات بشكل متواز والممارسة السياسية للدولة، هذه الأخيرة تراعي حقوق المواطن في كل أشكال علاقتها به. كلما ابتعدت الدولة عن الشكل الديمقراطي لتدبير السلطة إلا وكانت فرص الاصطدام بالجمعيات والمنظمات الحقوقية واردة وكبيرة، لأن هذا الابتعاد لا يكون إلا على حساب هضم حقوق المواطن سواء الفردية أو الجماعية.
< برأيك كيف يفترض تمويل أنشطة المنظمات الحقوقية؟
> سأعتبر أن السؤال له علاقة بالجمعيات الوطنية، وأفترض هنا أن التمويل عليه أن يكون ثنائياً، مساهمات المنخرطين في هذه المنظمات ومساهمة الدولة، خاصة بالنسبة للجمعيات الجادة نظراً للخدمة العمومية التي تقدمها، أي الارتقاء بحقوق الإنسان والدفاع عنها. طبعاً في علاقة دائماً بطبيعة الدولة التي تشتغل في إطارها هذه الجمعية.
< ما هو موقفك من ''التمويل الخارجي'' لهذه المنظمات، مقبول أم مرفوض؟
> هو تمويل مقبول في حدود احترامه للقوانين الجاري بها العمل في هذا المجال.
< من وجهة نظرك، كيف يمكن أن تساهم هذه المنظمات في ترسيخ دولة الحق والقانون؟
> يمكنها المساهمة في ذلك عبر الترافع من أجل حماية حقوق الإنسان وفق المنظومة العالمية المتعارف عليها لهذه الحقوق، إذ أن مفهوم دولة الحق والقانون يتضمن بالضرورة سيرورة نحو تبني هذه المنظومة، لذا النضال من أجل احترام حقوق الإنسان هو نوع من بناء دولة الحق والقانون.
< ما هو تقييمك لظاهرة تكاثر الجمعيات الحقوقية، هل هي سلبية أم إيجابية؟
> هي ظاهرة معقدة، فبالقدر الذي تمتح مشروعيتها، أي الظاهرة، من حق الاختلاف في التعاطي مع القيم الحقوقية، بالقدر ذاته الذي تستلزم هذه القيم توحيداً في الرؤى والنضال، وبالتالي رفض التعدد والتكاثر في الجمعيات. هذا طبعاً ونحن نتحدث عن الجمعيات الجادة والهادفة وليست المتاجرة بقضايا حقوق الإنسان.
< هل ساهمت هذه المنظمات فعلاً في ترسيخ حقوق الإنسان؟
> أعتقد أن الجواب على هذا السؤال سيكون بالإيجاب، فالجميع يعرف مثلاً الدور الذي لعبته الجمعيات الوطنية لحقوق الإنسان في المغرب، في تنقية الأجواء السياسية في المغرب، عبر النضال من أجل إطلاق معتقلي سنوات الرصاص، وبمساعدة المنظمات الحقوقية الدولية، وكذا ترافعها من أجل إقرار ممارسة سياسية سليمة تضع في مركزيتها حقوق الإنسان.
< ما هو تقييمك لمصداقية نشطاء هذه المنظمات؟
> في ظل احترامهم للمواثيق التي انخرطوا فيها، والتزامهم بالدفاع عن القضايا التي تهم مجال تحركهم، لا يمكن أن يكون التقييم إلا إيجابياً، طبعاً مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة البشرية لهؤلاء النشطاء، كونهم قابلين لمختلف الإغراءات والضغوط.
< ما الذي يحسب لهذه المنظمات وما الذي يحسب ضدها؟
> تحسب لها كل الإنجازات التي تمت ترجمتها على أرض الواقع، والتي مدت المواطن بهامش من الحرية والكرامة، شخصياً لا أرى أن هناك ما يحسب ضدها، ربما فقط بعض التقاعس في المواجهة حين تصطدم بوهم الخصوصية، وتنحني له في قضايا عديدة، قضايا حقوق الإنسان وكونيتها لا يجب أن يخضعا لتبرير الخصوصي.
< هل تقبل تدخل منظمات حقوقية دولية في الشؤون الداخلية للمغرب؟
> الشؤون الداخلية للمغرب تحيل إلى مفهوم السيادة الوطنية، وهو مفهوم عرف تحولاً كبيراً في ظل الثورة الرقمية والعولمة.
لا يمكن قبول تدخل خارجي في شؤون الوطن حين يتعلق ذلك بتدبير الشأن العام، والتوجيه العسكري، وإملاء سياسات معينة في قطاعات معينة.. لكن مسألة حقوق الإنسان لا تدخل ضمن مشمولات السيادة في مفهومها الجديد. الناتو تدخل في ليبيا بذريعة انتهاك نظام معمر القذافي لحقوق الانسان هناك، وحق الحياة أساساً. وساند المغرب هذا التدخل، لذا عليه أن يقبل بتدخل المنظمات الدولية في الشؤون المتعلقة بحماية حقوق الانسان، وهو تدخل مشروع، ضد مقولة: ذلك شأن بيننا، احترام حقوق الإنسان شأن مجتمع أممي لا محلي.
--------------
عبدالعزيز العبدي
ناشط اجتماعي.كاتب روائي، صدر له "كناش الوجوه" سنة 2011 و"رأس وقدمان" سنة 2012، كاتب مقالات رأي في منابر وطنية عديدة.